لم يدر بخلدي بأني سأقف يوما في مراكز الشرطة أوسوح العدالة بعنوان متهم.. ذلك لأني منذ نعومة أضفاري كنت نائيا عن رفيق السوء وكنت أمقت أي تصرف يسئ لقيم الخلق والأعراف التي تربيت عليها. فكنت من وقتها مسالما ومحبا للسلام لا أحمل في داخلي ألا الحب للوطن والناس.. وكان أهتمامي منحصرا في ممارسة الرياضة والمطالعة وحب المسرح
لا أعرف سواهما بديل.. لم يدخل في قاموس حياتي مفردة التأمر أوالمؤامرة أو مفردة العمالة ولم أسلك طرق النصب والأحتيال والتزوير قط.!! ومنذ ذلك التأريخ وألى الأن وعمري الأن يربو على الأربعين لم أتلوث بهذه الأفعال المدانة.
لقد أعطيت الوطن كل شيئ ولم يعطيني الوطن أي شيئ فأني لا أملك متر واحد في هذا الوطن حيث لازلت أعيش مع أهلي في ذات البيت الذي و لدت فيه رغم حجم كبر العائلة وكثرة الأطفال... أعطيت الوطن عمري وشبابي وأفنيت جزء منه في حروب فرضت عليه وعلى كل العراقيين وكذلك تحملت معه كل المحن التي توالت عليه من حرو ب وحصارات وخوف وقلق ومطاردة وجوع وبؤس وتشرد وضياع وبالرغم من كل ذلك بقيت وألى ساعة النزع الأخير متمسكا وهائما به..لذلك ماكنت أتوقع للحظة واحدة بأن أكون متهما وتصدر بحقي أومر قبض توزع على كافة السيطرات على مراكزالشرطة...
وأتهامي هنا لم يدخل في باب ماذكرت..! أنما جاء أفتراءا من قيادة شرطة ذي قار بحقي وبحق زملاء أخرين وكانت التهمة وفق المادة 435 والتي لاتستند على نص قانوني يدينني أويدين الأخرين لأن الشكوى على موضوع نشر في موقع سومريون نت يتحدث عن ضعف أداء الشرطة وهو مذيل بأسماء اخرى لا نعرفها وليس لي أوللزملاء الذين أتهموا معي أية علاقة بالموضوع لا من قريب ولا من بعيد... فقد كانت هذه الاوامر سابقة خطيرة ترتكبها الشرطة بحق السلطة الرابعة وهو خرق صارخ للدستور المستفتى عليه من قبل الشعب والذي كفل حرية التعبير والرأي والنشر لاسيما في مادته ال 38 طبعا لم تكن قضيتي ومن معي هي الوحيدة في باب الأنتهاكات وأنما سبقتها قضايا عديدة طالت العديد من الزملاء الذين يعملون في مؤسسات أعلامية معروفة منها قناة العراقية التي تنطق بأسم الحكومة العراقية.. لكن مايميز قضيتي هو أتهامي على أكثر من موضوع و قد شملت التهمة أكثر من أربعة صحفيين معروفين في محافظة ذي قار وأن قيادة الشرطة أرادت أن تركب جميع مانشر عليها في هذا الموقع على رؤسنا نحن المساكين الذين لا نملك متر من الأرض في هذا الوطن وقد توزعت التهم بين التحقيقات الجنائية وبين مركز شرطة البلدة...
وكانت محطة أستجوابي الأولى مع ثلاثة أخرين في دائرة التحقيقات الجنائية وفي هذا المكان تعرفنا على ضباط خيرين يحترمون مهنيتهم لمست ذلك من خلال أستقبالهم وحديثهم وتقديرهم لمهنتنا ى وتميز موقفهم حتى لحظة تسيرنا الى المحكمة فكان منهم وداعا جميلا أشعرني بالغبطة مثلما أشعر زملائي حيث كان مدير هذه الدائرة في مقدمة المودعين حتى توالى الاخرين الى أصغر رتبة فيهم.. وكان في رفقتنا في هذه المحطة المحامي صلاح الشمري عضو مجلس محافظة ذي قار ورئيس اللجنة القانونية بالمجلس هذا الرجل الرائع في كل مواقفه والتي يشهد لها الجميع وكذلك كان يرافقنا الزميل الصحفي حسين كريم العامل عضولجنة الدفاع عن حقوق الصحفيين هذا الزميل لم يبا رحنا للحظة واحدة فقد كرس كل جهده لقضيتنا منفقا أمواله ووقته لنا حتى أنتهت القضية الأولى بكفالة ثم توالت القضايا الأخرى فقد أستدعينا مجددا وهذه المرة في مركز شرطة البلدة وهنا أحسست وأستشعر زملائي معي بأننا مجرمين فعلا ذلك من خلا ل الأجراءت الطويلة والعريضة التي أتخذت معنا في هذا المكان حيث حضر في هذا المكان المستشار القانوني لقيادة الشرطة الذي أدلى بأفادته زورا وبهتانا وكان لايخجل من وقوفنا أمامه فتداخلت معه عندما كان يطالب أنزال أشد العقاب بحقي فنبته أن هذا التصرف لاينسجم مع مهنته ولايحق له مجاملة مسؤوله على حساب الحق والقانون لأنه هذا الأمر يجب أن يقبر في عهد العراق الجديد هذا.. لكن أشارة الزملاء لي بالكف عن التداخل معه خشية أن تلفق لنا قضية أخرى هذا أسكتني قسرا عنه وعن تصرفه الغرائبي هذا ومن بعد هذه الخطوة كانت الصدمة الأشد حينما طلبونا بأن تؤخذ بصمات أصابعنا وتدقيق أسماءنا في سجلات المجرمين ربما يكون أحدنا من أرباب السوابق وعلى هذا المنوال أستمرت الأجراءت بحقنا ونحن نعض أصابع الصبر والوجع لأنها أساءة لسمعتنا وتشهير غير مسؤل بمسريتنا ووطنيتنا التي لانقبل أبدا أن يساومنا عليها أحد... فمن ياترى يأخذ بحقنا؟ ومن يعوضنا مافقدناه من وقت وجهد ومن أموال؟ ومن يرد لنا أعتبارنا..؟ أعتقد أن الجواب لا أحد..
لكن أذا كانت ثمة أشارة الى كل من وقف معي ومع زملائي في هذه المحنة التي برئتنا منها ساحة العدالة فلابد أن أشير الى جهود كل من المحامي صلاح الشمري عضو مجلس محافظة ذي قار وجهد الزميل الصحفي حسين كريم العامل فقد كان لهؤلاء الدور الأبرز في تخفيف العبء عنا وحسم قضايا الأتهام التي لفقت ضدنا..كما لا أنسى دور وموقف كل زميل صحفي وأعلامي ومثقف وفنان في مدينتي الناصرية الذين وقعوا على مذكرة الأستنكار لتصرفات الشرطة بحقنا وبحق كل الصحفيين العاملين في المحافظة وكذلك أجماعهم وأجتماعهم وتحركهم من مجلس المحافظة الى ديوان المحافظة وأصواتهم مدوية عالية بالحق وهي تطالب بالأفراج عنا جميعا كما لاأنسى موقف مجلس المحافظة المتمثل برئيسه الأستاذ أحسان الطائي وكذلك كان للسيد المحافظ عزيز كاظم علوان دورا كبيرا في هذه القضية الذي ترجمه في مؤتمره الصحفي الذي حضرته كافة و سائل الأعلام الذي أستنكر خلاله أجراءت الشرطة مشددا بأنه سيتخذ موقفا حاسما أزاء هذه التصرفات الغير مسؤولة كما لا أنسى دور وموقف قناة الحرة عراق الذي تناولت قضيتنا في أكثر من برنامج في حين غاب دور القنوات الفضائية المحلية لاسيما قناة العراقية... بالرغم من أتهامنا كمجرمين من وجهة نظر الشرطة الأ أن هذه المواقف والأتصالات الهاتفية التي أنهالت علينا من مختلف أنحاء القطر أضافة الى الرسائل التي وردتنا عبر البريد الألكتروني التي أطمئنت أغلبها على سلامتنا وهي تؤكد على موقفها التضامني مع قضيتنا وكان لمرصد الحريات الصحفية لاسيما مديرها الأستاذ زياد العجيلي الدور المفرح في نشر موضوعنا عبر الرأي العام العالمي حيث كان لصدى ذلك ألاثر البالغ في مراجعة الشرطة لموقفها بشكل جدي أما موقف مدير موقع سومريون نت الأستاذ طارق حربي فقد كان كبيرا هو الأخر ذلك من خلال أعلان توقف الموقع عن العمل حتى قرار أطلاق سراحنا وكذلك من خلال رسائله التي وجهها الى رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ومن خلال المساحة الواسعة التي خصصها قي صفحات الموقع التي تمحورت جمعيها عن موضوعة أعتقالنا الغير قانوني ولا أنسى له أتصالاته الهاتفية المتكررة من النروج للأطمئنان على سلامتنا جميعا وقبل أن اختم أوجه ألف تحية لكل هذه الجهود الخيرة ولكل من وقف معنا وأتصل بنا ولكل من كتب سطرا أو مقالا لمؤا زرتنا لأن كل هذه المواقف مجتمعا هي عشيرتنا الحقيقية التي جاهدت من أجلنا وفق القانون والحق عبر الكلمة والقلم والمناشدة والصوت الشريف... فبعد كل هذا هل نبقى متهمين..؟ وهل حققت الشرطة ماتريد..؟ وهل ماحصل لنا من مواقف مؤازرة كافية.؟ وهل تخلى عنا الوطن في محنتنا هذه أم نحن تخلينا عنه. ونحن نحاكم بقانونه..؟ وهل حقا أن لاسلطة أعلى من سلطة القضاء في عراقنا الجديد..؟ نعم نحن أبرياء بتلاحمنا مع الوطن أبرياء بمواقف كل الخيرين أبرياء بقوة القانون الذي أثبت حياديته وأستقلاله في هذه القضية... أبرياء لأننا أبرياء ولأننا نعشق الوطن حد الأنصهار.. لكن السؤال الأخير... هو هل نبقى متمهين من وجهة نظر قيادة شرطة ذي قار بعد كل هذا التضامن وبعد كل هذه المواقف الشريفة التي ناصرت السلطة الرابعة التي أريد لها أن تكون ملوثة بأتهام باطل...؟؟؟