شهدت الانتخابات العراقية ويوم اقتراع الناخبين انتهاكات قمعية خطيرة مارستها جهات عسكرية وأمنية بحق الصحفيين ومؤسساتهم الاعلامية وكان اقليم كردستان الاكثر شدة، حيث شهد 23 انتهاكاً فيما شهدت بغداد والمحافظات الاخرى 27 انتهاكاً.
وتعرض صحفيون وفرق اعلامية للمنع وطالهم الاعتقال في بعض الحالات، فيما اغلقت القوات العسكرية الخاصة دور طباعة في بغداد واعتقلت 6 اشخاص مازال مصيرهم مجهولا بحجة التحريض على العنف وقامت قوات اخرى بغلق صحيفة اسبوعية ومصادرة معدات الكترونية منها.
وبدا غياب القانون واضحاً من خلال ما قامت به القوات الامنية والعسكرية في بغداد ومدن العراق الاخرى في التعامل مع قضايا النشر والتغطية الاخبارية المكفولة دستورياً، حيث ان جميع حالات الاعتقال أوغلق المؤسسات لم تأت بأمر قضائي انما بتوجيهات حكومية فقط.
داهمت قوات الجيش والشرطة في ليلة 28 -2-ثلاث شركات للطباعة في بغداد هي مطابع (المغرب والجنوب والكوثر) واستولت على كتيب يحمل عنوان "اين ذهبت اموال العراق" واعتقلت ستة اشخاص ونقلتهم الى جهة مجهولة ومنعت الفرق الاعلامية من الوصول لدور الطباعة المذكورة لعدة ايام وطوقتها بقوات عسكرية تابعة للواء بغداد، وصادرت الكتيب الذي يتكون من ستة عشرة صفحة تنتقد الحكومة لاهدارها المال العام واخفاقها في معالجة الفسادي الاداري والمالي في الاربع سنوات التي حكمت العراق فيها.
البيان الحكومي الصادر عن قيادة عمليات بغداد ادعى ان هذه المطابع ضبطت فيها مطبوعات تحريضية الا ان البحث الذي قام به فريق صحفي من مرصد الحريات الصحفية اظهر عدم صدقية الادعاءات،وحصل الفريق على نسخة من الكتيب،ووجد ان القضية متعلقة فقط بهذا الكتاب الذي كان منافسون انتخابيون قد طبعوه لانتقاد الحكومة الحالية وهولم يتضمن اي تحريض على العنف أوالطائفية.
فيما داهمت قوات حكومية مقر صحيفة الشاهد المستقل الاسبوعية وسط بغداد وصادرت اجهزة حاسوب واخرجت العاملين فيها بالقوة واغلقت مقر الصحيفة.
وقال سعد الأوسي رئيس تحرير صحيفة الشاهد المستقل ان قوات امنية حكومية مكونة من اربع سيارات دفع رباعي داهمت صحيفتنا مساء يوم 5 -2 وصادرت الارشيف الالكتروني للصحيفة وأغلقت المقر.
واضاف الأوسي،وهوصحفي معروف بانتقاداته اللاذعة للفساد الاداري والمالي، انه وتسعة اشخاص من فريق تحرير الصحيفة صدرت ضدهم مذكرات قبض وفق المادة الرابعة من قانون مكافحة الارهاب بدعوى كيدية. واوضح ان دعوتين منها صادرة من اللجنة التحقيقية في مجلس الوزراء.
وأوضح الأوسي، ان مصادرة اجهزة الحاسوب واغلاق مقر الصحيفة سوف لن يؤثر على صدور الصحيفة المنتظم ولن تغير سياستها.
وعلى مستوى التغطية الانتخابية تعرض مراسل قناة الاتجاة الفضائية هارون رشيد في بغداد للاعتقال من قبل الشرطة المحلية في منطقة العلوية اثناء تادية واجبه الاعلامي لتغطية فعاليات الاقتراع الخاص، فيما تعرض الصحفي حيدر حسون الفزع لاطلاق نار في منطقة الشعب ببغداد من قبل قوات عسكرية وأصيب في يده.
وقال جبار طراد رئيس رئيس تحرير وكالة انباء الاعلام العراقي، ان الزميل حيدر حسون الفزع تعرض للأصابة في يده جراء اطلاق نقطة تفتيش النار عليه، واضاف إن الفزع كان يستقل سيارته واظهر التخاويل الخاصة بالسماح للاعلاميين بالحركة والتجوال والتغطية، الا ان الجنود اطلقوا النار عليه.
وفي محافظة الانبار لم يكن للصحفيين المساحة الكافية لتغطية الانتخابات حيث خصصت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ثلاثة مراكز سمح فيها للصحفيين بتغطية عملية التصويت من عدد 610 مركزاً انتخابي في المحافظة.
وقامت عناصر من الشرطة بالاعتداء بالضرب على الصحافي بلال فوزي مصور وكالة AP في مدينة الفلوجة خلال محاولته التصوير داخل مركز اقتراع الجمهورية وسط الفلوجة.
فيما قام عناصر من الجيش العراقي ينتمون إلى الفرقة الأولى اللواء الثاني بتهديد صحفيين بالحجز داخل إحدى العربات العسكرية ومصادرة كاميراتهم، وذلك خلال قيام صحفي بإجراء لقاءات مع مواطنين في الفلوجة اتهموا فيها الجيش بالتقصير في حفظ الأمن ومنع إطلاق القذائف الصاروخية مع بدء عملية الاقتراع في المدينة.
وابلغ صحفي يعمل في الفلوجة فضل عدم الكشف عن اسمه إن عناصر الجيش مزقت ورقة التخويل الصادرة من المفوضية وقامت بسحب الشريط من الكاميرا بعد ذلك قام ضابط برتبة ملازم أول بضرب الصحفي ومصوره مع اثنين من الجنود حتى أسقطوهما أرضا الامر الذي دفع المواطنين المتواجدين في المنطقة إلى التدخل ومنع ما وصفه الصحفي حفلة الضرب الجماعي عليهم وتهريبهم بصعوبة من عناصر الجيش.
واشترطت قوات الجيش المتواجدة في الرمادي دخول الصحفيين العاملين في الصحف المحلية والأجنبية إلى مراكز الاقتراع بإلقاء أقلامهم ودفاترهم عند بوابة الدخول.
وابلغ الصحفي الحر عماد محمد،مرصد الحريات الصحفية، ان قوات الجيش تذرعت بذلك لمنع الصحفيين من تغطية عملية الاقتراع الخاص والعام،موضحا ان المراكز التي جرى فيها منع الصحفيين من الدخول "حدثت فيها خروقات انتخابية واضحة".
وفي ميسان فرضت قوات الشرطة والجيش على الصحفيين قيودا على حركتهم اثناء الانتخابات ورفضت منحهم تخاويل تسهل عملية تغطيتهم الاخبارية.
وقال الزميل سعد حسن مراسل صحيفة الصباح ان أي من الصحفيين لم يحصل على باج التجوال للسيارات الخاصة بالفرق الاعلامية.
واضاف،ان المفوضية قد سمحت للصحفيين بالتصوير والتواجد بعشرة مراكز انتخابية فقط ثلاثة منها في الاقضية والنواحي والباقية في مركز المدينة.
فيما قام مكتب مفوضية انتخابات ميسان بتوفير ثلاث سيارات لنقل الصحفيين بين المراكز الانتخابية، الا ان اغلب الصحفيين لم يستحسنوا هذه الفكرة على اعتبارها ستقيد عملهم كما ان عدد السيارات قليل جدا قياسا بأعداد الصحفيين المتواجدين في المحافظة.
وفي الموصل قال ممثل، مرصد الحريات الصحفية، بان إعلام قيادة عمليات نينوى منع فريق عمل قناة الرشيد ومراسل قناة البي بي سي من تغطية الانتخابات في المراكز الانتخابية المخصصة من قبل المفوضية العليا للانتخابات للصحفيين،وان الضابط المسؤول هدد الصحفيين بالاعتقال مالم يخرجوا من المركز الانتخابي على الرغم من انهم يحملون موافقات المفوضية للتغطية الاخبارية.
اما ماشهده اقليم كردستان العراق من انتهاكات ضد الصحفيين ومؤسساتهم الاعلامية يثير قلقاً بالغاً ويدعونا للوقوف بقوة تجاه من يهدد حرية الصحافة والتعبير.
ووثق مركز ميتروللدفاع عن الصحفيين وهويعمل بشراكة مرصد الحريات الصحفية مايقرب من 23 حالة انتهاك مختلفة منذ انطلاق الحملة الدعائية للانتخابات الى وقت اغلاق صناديق الاقتراع.
وبين التقرير ان حجم التهديدات التي تتعرض لها حرية الصحافة كبيرة جداً وأن نفوذ السياسيين وقوى الامن تقوض هذه الحرية وتمنع الصحفيين من الوصول الى الحقائق.
مرصد الحريات الصحفية يدعوا الكتل السياسية والاجهزة الحكومية وقوات الشرطة والجيش الى احترام معايير الديمقراطية والعمل وفق الدستور والقوانين العراقية.