مرصد الحريات الصحفية

مرصد الحريات الصحفية

الصفحة الرئيسية > قضايا ومقالات > اعلامنا ودوره في...

اعلامنا ودوره في إشاعة ثقافة التواصل

مع ان الثقافات الفرعية حظيت باعتزاز اجتماعي واضح، الا ان التجربة التاريخية للمجتمع العراقي لم تكشف عن تأثر السلوك الاجتماعي بتلك الثقافات، بالشكل الذي يعلي من شأن ولاءات ضيقة على حساب ولاءات وطنية، اذ نظر العراقيون الى بعضهم كنسيج واحد بصرف النظر عن تكويناتهم المتنوعة دينيا ومذهبيا وقوميا. وفي هذه النظرة كمن سر قوة المجتمع العراقي وقدرته على مواجهة التحديات التي تعرض لها على مر تاريخه الطويل، ولعل في تجاوز مؤامرة الحرب الطائفية خلال السنتين الاخيرتين خير مثال للتدليل على تجذر ثقافة الاعتدال والوسطية في نفوسهم وعقولهم.


واذا كانت اعمال العنف الطائفي والتهجير القسري قد علت نسبتها خلال الفترة الماضية، فلا يعني ذلك انها نتيجة رسوخ ثقافة القطيعة ورفض الآخر، والنظر اليه بوصفه عدوا، بل جاءت في غالبها ردود افعال ثأرية حركتها عوامل سياسية مقصودة اريد بها تفتيت النسيج الاجتماعي، ذلك ان تشكيل عصابات الجريمة من هذا الطرف او ذاك وممارسة اعمال التقتيل ضد مكونات معينة، لابد ان يثير انفعالا يتجسد في سلوكيات مماثلة توحي بمجموعها ان حربا طائفية قد وقعت او على وشك الوقوع.لكن بالمقابل كان لتلك الاعمال تداعيات كثيرة، منها عدم الشعور بالامان حتى وان كانت المناطق التي شهدت مثل هذه الاعمال تحت سيطرة الاجهزة الامنية، وبالتالي فانها قادت الى عزلة اجتماعية قللت من مستوى التفاعل الاجتماعي الايجابي الذي من شأنه تخفيف حدة الاحقاد والضغائن وروح الانتقام التي ترسخت في نفوس الاسر المتضررة، وربما من بين العوامل التي عززت هذه القطيعة هو رغبة بعض الجهات السياسية ببقاء الوضع الراهن على ماهو عليه وتغذيته بما يجعله قنبلة قابلة للتفجير في اي وقت وعلى وفق المصالح الضيقة التي تسعى الى تحقيقها تلك الجهات.

وبذلك اصبح لثقافة القطيعة ملامح بادية للعيان، يقتضي الوقوف على ابعادها واعداد البرامج المختلفة للحد من خطورتها، لكي يتسنى الارتقاء بالمجتمع الى الامام، ذلك ان هذه الثقافة اذا ما قدر لها الشيوع فانها من الامراض المزمنة التي تنخر في جسد المجتمع، والتي يتعذر في اوقات لاحقة معالجتها.


ومن المؤكد ان التصدي لهذه الظواهر الاجتماعية تتطلب تعبئة الجهد الوطني في المجالات المختلفة، وبخاصة وسائل الاتصال الجماهيرية، ذلك ان من الاجراءات المهمة في عملية التصدي يتمثل في اشاعة ثقافة التواصل التي تعد وسائل الاعلام اكثر المؤسسات البنيوية قدرة على القيام بها، بحكم ما تتميز به هذه الوسائل من خصائص تمكّنها من مخاطبة مختلف شرائح الرأي العام،فضلا عن تمكنها من تجسيد ثقافة التواصل باشكال يسهل فهمها، وبهذا الصدد لابد من الاشارة الى ما يأتي :

عدم الانتباه

كشفت التجربة الاعلامية بعد احداث التغيير في 9/4/2003 ان القيادات الاعلامية لم تنتبه بما يكفي لخطورة ثقافة القطيعة، اذ حرصت كثيرا على تنفيذ الوظائف المتعلقة بالجهات التي تصدر عنها من دون الالتفات الى ما يسود المجتمع من ظواهر اجتماعية مرضية، ومع ان البيئة الاعلامية شهدت نموا متسارعا تمثل باصدار العشرات من القنوات التلفزيونية والاذاعية ومثلها من الصحف اليومية والاسبوعية، الا ان جل تلك الوسائل صادر عن احزاب وتيارات سياسية، وان الوسائل المستقلة منها تنتابها ميول الى هذه الجهة السياسية او تلك، وهكذا وسائل غالبا ما تكون معنية بالايديولوجية الحزبية اكثر من عنايتها بمشاغل الرأي العام.



الانشغال بالبيئة المتأزمة

تعيش القوى السياسية العراقية صراعا محتدما فيما بينها، الامر الذي حول وسائل الاعلام من كونها وعاء للتعبير عن هموم وتطلعات الجماهير الى اداة لادارة الازمات بين الفاعلين السياسيين سواء المشاركين في العملية السياسية ام غير المشاركين، وعليه القت البيئة المتأزمة بظلالها القاتمة على مختلف مناحي الحياة بضمنها العملية الاعلامية على اختلاف مفرداتها، وبما ان تأزم البيئة العراقية جاء بفعل عوامل سياسية وامنية، لذا شغلت المضامين السياسية والامنية مساحة واسعة من وسائل الاعلام،بينما ضاقت المساحات المخصصة لثقافة التواصل، واختفت المضامين التي تعالج الظواهر الاجتماعية من منظور ثقافة التواصل، بالشكل الذي يكشف عن عدم ادراك القائم بالاتصال لابعاد وخطورة ثقافة القطيعة التي بدأت خطواتها الاولى تدب في النسيج الاجتماعي.

وكانت الرسائل الاعلامية التي تنطوي على ثقافة تواصلية قد اهتمت بثقافة وتجارب وانجازات الاخر الاجنبي، ومع ان ذلك امر مهم، ولكن التركيز على التواصل الاجتماعي المحلي يعد حاجة ماسة في هذه المرحلة العصيبة، فمن شأن ذلك تخفيف حدة الاحتقان الطائفي والعنصري،فضلا عن تعزيز التماسك الاجتماعي.


غياب التخطيط

بالرغم من عدم تناول وسائل الاعلام لموضوعات مباشرة تعمق من الشرخ الاجتماعي، الا ان الكثير من المضامين التي تداولتها تضمنت ما يمكن تأويله سلبا، كتناولها لاخبار بعينها، او اضفاء تعليقات واراء على الاخبار والتقارير، وقد يكون من المتعذر التيقن فيما اذا كانت هذه المضامين مقصودة او غير مقصودة، الا ان مجمل المضامين تكشف ان القائم بالاتصال لم يضع الخطط الخاصة بالكيفيات التي من شأنها تفعيل ثقافة التواصل، ويعني ذلك في جانب كبير منه انه لم يتأمل بعمق التداعيات الخطرة لما يمكن ان تؤول اليه القطيعة، فضلا عن ترك المصادفات تتحكم بالرسائل الاعلامية المبثوثة.

وشكل ذلك خللا مهما في وظيفة وسائل الاعلام التي تشكل وظيفة التواصل جوهر الوظائف العديدة التي يفترض القيام بها، وعليه لم تتمكن الوسائل الاعلامية من الاحاطة بالمشكلة الاجتماعية وتقليبها على وجوهها المختلفة وتشخيص ابعادها ومخاطرها، لذلك ظلت المشكلة تفعل بجسد المجتمع وتتسرب من خلال المسارات الهشة، الامر الذي سيشكل لاحقا عقبة كأداء امام خطط التنمية.

انطلاقا من ذلك فان على القائم بالاتصال الذي يريد للولاء الوطني الرسوخ في عقول الجماهير ونفوسهم ان يشخص المشكلات الاجتماعية، وان يعد الخطط المناسبة التي يمكن من خلالها ايضاح المشكلات واقتراح البدائل الكفيلة بحلها عبر رسائل اعلامية مدروسة تجنب المجتمع ويلات القطيعة التي من ابرز صورها النظر الى الاخر المحلي بوصفه عدوا، ففي مثل هذه النظرة تكمن الخطوات الاولى لتقسيم البلاد.

شيوع مشاعر الخوف والقلق

تأثرت العملية الاعلامية كثيرا بالتأزم السياسي والامني الذي تشهده البلاد، وطال هذا التأثير مختلف العمليات الاعلامية بدءا من التغطيات وانتهاء بحرية ابداء الاراء، ذلك ان التأزم بجميع تداعياته كان حاضرا في ذهنية الاعلاميين، وصار شبحا يطارد حتى المفردات التي يختارها الاعلاميون في رسائلهم، فالحذر والخوف والقلق كانت من المشاعر التي تنتابهم اثناء اختيار الاحداث والموضوعات التي يودون الكتابة عنها او تغطيتها، لذلك بدا ان بعضا من مفردات ثقافة التواصل محفوف بالمخاطر، بخاصة في بيئة محتقنة تمظهرت باعمال عنف غريبة طال بعضها الاعلاميين انفسهم، الامر الذي اجبر الاعلاميين على تجنب تناول موضوعات ثقافة التواصل خوفا من تأويلها باتجاهات مغايرة لمقاصدها.


قصور التغطية

انتجت البيئة المتأزمة مشكلات اجتماعية غير تقليدية كالقطيعة الاجتماعية، وفعّلت اخرى كانت راكدة منذ عقود، لكن هذه المشكلات لم تجد لها انعكاسا وافيا في وسائل الاعلام، ما يعني ان تغطيات وسائل الاعلام لمجمل حركة المجتمع كانت قاصرة، ولهذا القصور تداعيات مهمة، منها عدم لفت انظار المجتمع للمخاطرالتي تنطوي عليها تلك المشكلات، فضلا عن عدم اقتراح البدائل التي يمكن ان يستعين بها المجتمع في تصديه للمشكلات التي يتعرض لها.

ويرجع قصور التغطيات الى اسباب عديدة منها ما يرتبط بضعف امكاناتها الاقتصادية والفنية، او تحاشي اختراق البيئة الاجتماعية المحتقنة بما يعرض ملاكاتها للخطر.

وعموما لابد من ايلاء ثقافة التواصل الاهتمام الذي تستحق، ذلك انها مفتاح لايستهان به لتعزيز الولاء الوطني وردم الشروخ التي اصابت النسيج الاجتماعي وترسيخ فكرة ان الآخر مكمل وبخاصة الآخر المحلي.

 

 

 

  • كردستان: اعتقال الصحفيين لن يخفي الأحداث ويقود لنتائج عكسية

  • انتهاكات ضد مجموعة صحفيين غطوا تظاهرة ضد الفساد في حلبجة

  • لجنة حماية الصحفيين تطالب سلطات العراق بضمان حماية الطائي وضمد

  • سحب الهاتف والتوقيع على ورقة مجهولة.. صحفية تروي ظروف اعتقالها في السليمانية

  • قوة أمنية تعتدي على كادر الرابعة في البصرة بتحطيم المعدات والضرب والاحتجاز

  • وزير الداخلية يقاضي الإعلامي حيدر الحمداني بتهمة القذف والتشهير

  • قانون جرائم المعلوماتية: مُفصّل على مقاس السلطة.. ومخيّب لتطلعات الصحفيين

  • تعرض المراسل فاضل البطاط الى اعتداء على يد أمن فندق غراند ميلينيوم البصرة