لا تنحصر العملية الديموقراطية بإجراء الانتخابات فحسب و انما تتطلب أيضا وجود إعلام حر و نزيه وقضاء مستقل و أجهزة حكومية قابلة للمحاسبة تتبع الشفافية، بالإضافة إلى فصل الدولة عن الحزب و احترام حقوق الإنسان و سيادة الدستور القانونية. وفقا للمبادئ الديموقراطية المتبعة عالمياً.
وتصعب المبالغة في تقدير أهمية وسائل الإعلام في العملية الانتخابية المقبلة. فأغلب وسائل الاعلام الوطنية محطات الإذاعة والتلفزيون والصحف ومجلات الأخبار ومواقع الإنترنت التي ينتظر منها معلومات للناخبين عن المرشحين أغلبها مملوكة للاحزاب، و هذا من أقوى عوامل التضليل الموجه في تحديد الكيفية التي سينظر فيها الناخبون إلى المرشحين وإلى القضايا التي ستطرح على انها برامجهم الانتخابية.
ولوسائل الاعلام أهمية كبرى في التأثير على الرأي العام اثناء الانتخابات، وهي قادرة على صناعة الايدولوجيا المؤثرة في عملية توجيه الناخبين. وهذا يمثل خطورة كبيرة للدور الذي تلعبه، لذلك يجب ان يكون هناك معايير وأسس لمزاولة الصحفيين لمهمتهم بحيث تحكم سلوكهم المهني اثناء تغطية الانتخابات المحلية المقبلة.
فعلى الاعلامي المحترف مبادئ و حقوق و مسؤوليات ومهارات عدة، يجب الالمام بها تساعده في اداء عمله – توعية الناخبين - وأولى هذه المبادئ الاخذ بالدقة والتوازن والموضوعية والمهنية شعارا للعمل الصحفي والاعلامي دون انحياز، وان يتحرر الصحفي من أي التزام امام أي شخص او حزب، ولا يعترف الا بالتزامه امام الجمهور- المتلقي- الذي ينتظر معرفة الحقائق.
أما وسائل الاعلام المملوكة للحكومة او للدولة فيجب عليها ان تتعامل مع الحكومة والمرشحين والناخبين بكل توازن وان لا تفضل طرفاً على آخر وأن تأخذ بعدا متساويا بين كل مرشح وآخر، دون لي عنق الحقيقة.
و هنا يبرز الدور المهم للصحفيين المحترفين بنشر الموضوعات و الجوانب المتعددة على الناخبين، بمنتهى الدقة و الحياد وتحمل المسؤولية، حتى وأن كان هذا العمل يجري تحت ضغوط شديدة او في ظروف صعبة، ليتسنى لهم التصويت عن قناعة.
و بما ان الانتخابات قرار صعب، وتتعلق عملية اجرائها بمستقبل الحرية و الديمقراطية، فيجب على الاعلام ان يكون اكثر القوى نفوذاً في عملية سيرها، لانها واذا ما جرت بشكل سئ فذلك سيقوض مكتسبات الحرية و الديمقراطية في البلاد
ولكي تكون الانتخابات نزيهة يجب ان تكون الصحافة مطلقة اليد للتسأول حول مدى شفافيتها، لذا فأن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مسؤولة عن تسهيل مهمة وسائل الاعلام اثناء عملية الاقتراع، وهو جزء من نزاهة الانتخابات، وان ائ تصرف فردي واحد في مراكز الاقتراع قد يثلم سمعة العملية الانتخابية، لذلك على موظفي المفوضية ان يكونوا متأهبين لحل كل مشاكل الصحفيين وازالة ائ عقبات تعرقل عملهم، لأن رقابتهم اثناء سير عملية الاقتراع هي الأهم، فوسائل الاعلام هي التي ستعطي الانتخابات شهادة البراءة او ان تدينها، في ما يخص نزاهة اليات الاقتراع.
الصحافة الحرة تساعد العملية الانتخابية في أن تتسم بالحرية و الديمقراطية من خلال تمكين المواطنين من اتخاذ قرارات صحيحة لحظة الاقتراع، وهذا ما يوجب عليها ان تكون ذات مصداقية كي تكون محل ثقة الجميع، و ذلك بأخذ وجهات نظر مختلفة و واضحة من المرشحين. وفقاً للمعايير و المواثيق المتشابهة حول ( التغطية الاعلامية للانتخابات ) وهي مواثيق اغلبها متشابه تعمل بها اكثر من 150 منظمة صحفية و اعلامية في بلدان مختلفة من العالم، يمكن الاطلاع عليها من خلال هذا الرابط www.uta.fi/ethicnet.
و للصحافة المسؤولة مقاييس دولية وفق القوانين التي تمنح الشعوب حق التمتع بالحرية الكاملة بالتعبير عن ارائهم مثلما تنص المادة (19) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان، ان الصحافة يجب ان تلتزم و تضمن تقاريرها و اخبارها ثلاثة نقاط اساسية لعملها كي تكون مسؤولة عن تطبيق الديمقراطية. مثلما ينص عليها ( دليل تقرير الانتخابات )
الدقــة : يعتبر الحصول على الاخبار الصحيحة من اهم مقومات العمل الصحفي، و لنقلها اهمية اخرى، فمثلاً اسماء المرشحين، و تصريحاتهم، و وصف الاماكن و الاعداد و الاشخاص و الاشياء بدقة. و الانتباه لفكرة ان الجو الانتخابي بطبيعته عاطفي سواء للمرشحين او الناخبين، و على وسائل الاعلام الحذر عند نقل تصريحاتهم او تعليقاتهم و ابراز معانيها بدقة و السياقات التي قيلت فيها تجنباً للوقوع في فخ الحقائق المنقوصة.
الحيادية : الصحافة الجيدة تعني الموضوعية و عدم الانحياز، فعند صياغة مقال متوازن لابد من طرح وجهتي نظر الطرفين فاذا قطع مرشح ما على نفسه وعداً او اتهم اشخاصاً او جهات بأي اتهامات خلال الحملة الانتخابية، على الصحفي تضمين مقالته مواقف معاكسة لتصريح المرشح ضماناَ للحيادية و الموضوعية، كما أن حيلة البحث عن وجهات نظر مختلفة حيلة بارعة تبعد شبح انحياز الصحفي لطرف واحد. و اغلب الصحفيين يعرفون ان حياد المقال يكون بعدم تسليط الضوء على مرشح واحد دون آخر في مسألة معينة مهما كانت اهمية تصريحاته او افعاله في هذه المسألة. و الحقيقة أن التوازن العادل في المقال يحتاج مجهوداً كبيراً فهو ضرورة اساسية في العمل الصحفي، فعلى الصحفيين – حتى العاملين في وسائل اعلام حزبية – الانتباه الى التحلي بالحياد و التوازن في اسلوبهم لنقل الاخبار و كذلك على الصحفيين العاملين بالاعلام الحكومي تغطية اخبار المعارضة، هكذا يكون العمل الصحفي متوازناً و يجب ان يكون عادلاً، كما من المستهجن ان يقود الصحفي حملة انتخابية لصالح حزب او فئة ما او يقبل هدايا منها.
المسؤولية: بالطبع هي كبيرة ملقاة على عاتق الصحفيين تجاه من يتلقون الاخبار (المتلقي)، فمثلاً ان العديد من الموظفين الحكوميين و اشخاص اخرين يملكون معلومات عن قضايا فساد و لكنهم يخشون كشفها للصحفيين خوفاً من تسرب اسمائهم، فحماية المصادر الاخبارية مهمة للغاية و يجب ان تكون من أولويات الصحفيين، كما ان المسؤولية المهنية تلزم الصحفي ان لا يحصل على المعلومات الا بالوسائل الاخلاقية و وفقاً للمعايير الدولية لمهنة الصحافة.
ويلعب مدراء اقسام و غرف الاخبار دوراً كبيراً في توجيه مراسليهم و الفرق الاعلامية التي تعمل على اعداد التقارير حول الحملات الانتخابية، ويقدم كبار المحرين الصحفيين نصائحهم للمراسلين بأن لا يرددوا اتهامات لاسند لها، و أن لا يكونوا جزءاً من ممارسة ( للخبث و الاساءة ) وكل خبر غير خاضع للبحث او التدقيق يجب حذفه من النشرات الاخبارية.
(الجزء الاول)
Zyad@jfoiraq.org