في الحادي والعشرين من شهر تشرين الاول الجاري عقدت هيئة امناء هيئة الاعلام والاتصالات الجديدة برئاسة الدكتور برهان الشاوي مؤتمرها الذي تأجل أكثر من مرة في فندق شيراتون ببغداد.
وللعلم فان الهيئة التي عقدت المؤتمر غير قانونية كون ان هيئة الاعلام والاتصالات هي هيئة مستقلة كما شكلها الحاكم المدني السابق للعراق بول بريمر وكما نص عليها ايضاً الدستور العراقي وتتكون من تسع هيئات مستقلة اخرى، والسبب في جعلها مستقلة هو لكي نبني مؤسسات دولة وليس سلطات حكومة شأنها في ذلك شأن مفوضية الانتخابات..
وهنا يتبادر سؤال مهم هو لماذا يتم يختار مجلس مفوضي مفوضية الانتخابات من قبل البرلمان ويتم التصويت عليهم تحت قبته، بينما امناء هيئة الاعلام والاتصالات يعينون بامر ديواني من رئيس الوزراء؟ علماً ان التشكيلين هما مستقلان ويتبعان مجلس النواب وليس الحكومة، حيث ترتبط مفوضية الانتخابات باللجنة القانونية في مجلس النواب، وترتبط هيئة الاعلام والاتصالات حسب القانون بلجنة العمل والخدمات في مجلس النواب.. فما هو الذي جرى وماهو السبب الذي دعا الحكومة الى ان تصدر امراً ديوانياً بتعيين السادة امناء الهيئة ولماذا هذا الصمت المطبق من مجلس النواب عن حق من حقوقه ؟.
ومن جانبنا فقد سجلنا على المؤتمرالملاحظات التالية :-
1- طلب الدكتور برهان الشاوي من جميع الفضائيات التي لم تحصل على رخصة بتقديم طلب رخصة لان الترددات في الفضاء من مهمات الهيئة وهذا من واجبهم فعلاً، لكن قد يتساءل قائل ويقول هل يجوز لموظف معين بطريقة غير قانونية ان يطالب بامور قانونية ؟.
2- وجدنا ورقة معدة وموزعة على الحضور تطالب او تحدد العمل في الانتخابات ومساحة الاعلانات للكتل السياسية المشاركة فيها، وقد استغربنا من هذه الورقة، فماعلاقة هيئة الاعلام والاتصالات بحجم الاعلانات عن الكتل المشاركة في الانتخابات..؟ وقد حاججتهم انا شخصياً وجاوبني الدكتور برهان الشاوي بان قانون الهيئة يسمح لها بالتدخل في موضوع الانتخابات..فقلت له يسمح لها بالعموميات وليس بالتدخل بحجم الاعلانات عن كل كتلة حزبية وذكرت له باني انا الذي طالبت في اجتماع سابق ان توزع اعلانات مفوضية الانتخابات عن طريق هيئة الاعلام والاتصالات، ولكن ليس التدخل بالترويج للكتل والكيانات المشاركة وكم ستعطي من الوقت لهذه الكتلة او الكيان وكم ستعطي لذاك.
3- كان المتحدثون من هيئة الامناء يلوحون بالتدخل في المحتوى للفضائيات ونسوا بان دورهم فني ولايتعدى التردد الفضائي ليس اكثر برغم ان هناك في بعض فقرات قانون الهيئة ما يمنع التحريض على العنف والكراهية، لكنهم يريدون ان يستغلوا هذه الفقرة اسوأ استغلال من باب رد الجميل لمن عيّنهم، وليثبتوا له بانهم استطاعوا تحجيم الفضائيات، وانهم سيصبحون وزارة اعلام جديدة واداة ضاربة بيديه لكل من يحاول النيل من الحكومة الرشيدة، وكان كل ذلك واضحا على الاستاذين برهان الشاوي وعلي الآوسي الذي كان بالامس في هيئة امناء شبكة الاعلام العراقي واليوم في هيئة امناء هيئة الاعلام والاتصالات، والرجل الآوسي معذور وليس لنا حق عليه فهو ليس ابن الوسط كما ان تعيينه سياسي حزبي وهذا من صميم واجبه.
4- و الطامة الكبرى في هذا المؤتمر والمصيبة التي وردت فيه ان ينبري المثقف الكبير والاعلامي المعروف الدكتور برهان الشاوي ليقول بحماسة عالية وهو يضرب بقلمه على الطاولة التي امامه( لايوجد في جميع دول العالم مصور او كاميرا تصور بدون موافقات مسبقة وحتى في العاصمتين العربيتين اللتين نعتبرهما رمزاً لحرية الاعلام وهما بيروت ودبي لايمكن لصحفي يحمل كاميرا ان يتحرك بدون موافقات) نعم هذا ماقاله برهان الشاوي امام الجميع وبحماسة وشدة لم اشاهده فيهما من قبل؟ وهو الذي كان قبل ايام من تعيينه يدافع عن حرية التعبير وحرية الصحافة وحرية المصورين وكاميراتهم.. وا أسفاه عليك يابرهان وعلى اعداد الكتب التي كلما شاهدتك اعطيتنياها باكياس مكدسة وهي تتحدث عن الاتصال الجماهيري وحرية التعبير ودور الصحافة،هل ذهب كل ذلك ادراج الرياح امام الأمر الديواني وذهب معه كل تاريخك. لعن الله الأوامر الديوانية التي غيرتك وغيرت هاشم حسن..
وقد رددت على الدكتور برهان في المؤتمر وقلت له يا دكتور للأسف جئنا نشكو عندك من مضايقات قوات عمليات بغداد للصحفيين (وهو تشكيل غير دستوري) ووجدناك اكثر منهم تشدداً حتى شككت بانك اصبحت واحداً منهم.
وهذا يؤكد ما قاله الآخرون بان الحكومة عندما أحست بخطر الاعلام وكشفه لتلاعبها بالمال العام وبالدستور والقانون وكشف توجهها الدكتاتوري انتدبت مجموعة من الاعلاميين لتحتويهم اولاً، وتجعلهم واجهة لقمع الاعلام ثانيا(الضد النوعي)، فعندما تريد الحكومة غلق فضائية او تهديدها فانها توجه الاخوة في هيئة الاعلام للقيام بذلك الدور بدلاً عنها لكي لايقال بان الحكومة تقمع الاعلام وتحاربه، فجاءت بمجموعة من الاعلاميين وعينتهم في هيئة الاعلام والاتصالات، ومجموعة اخرى عينتها في هيئة امناء شبكة الاعلام العراقي، والحكومة تصدر لهم الأوامر وهم ينفذون وعندما تُسأل الحكومة فانها تجيب بان هيئة الامناء هي التي اتخذت القرار وهي هيئة مستقلة والحكومة ليس لها دخل في ذلك؟ وفعلاً حدث ذلك عندما اقالت هيئة امناء شبكة الاعلام العراقي الزميل فلاح المشعل رئيس تحرير جريدة الصباح بتوجيه من رئيس الوزراء.
حيث ان هيئة امناء شبكة الاعلام العراقي هي الاخرى هيئة مستقلة يجب ان تعيّن من البرلمان وترتبط بلجنة الثقافة والاعلام لكن للأسف عين اعضاؤها ايضاً بمخالفة قانونية بامر ديواني من رئيس الوزراء، بدل ان ترتبط هذه الهيئات بمجلس النواب كلا بلجنته المختصة كي نرتقي الى دولة المؤسسات، لكنها ارتبطت بمكتب المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء صاحب الفكرة لتحجيم الاعلام ومحاريته وقمعه بهذه الطريقة وبمخالفة قانونية واضحة وكبيرة ويعتقد المستشار بانه عمل بذلك خيراً،وكأن ابو ادريس.
وقد غاب عن المؤتمر الاستاذ والزميل جمعه الحلفي بسبب عزله بعد تعينه بأقل من شهر حتى يقال بأنه تسلف على الراتب ولم يستلمه؟ ولوكان موجوداً لطالب بالغاء الفضائيات والعودة الى تلفزيون الشباب ولكن الله لطف بنا وبالعاملين في تلك الفضائيات وعوائلهم.
وقد لعب الاخ الصديق والزميل عماد الخفاجي والذي كان يدير الجلسة كعادته دوراً رائعاً وكان لسان حاله يقول (قلوبنا معكم وسيوفنا عليكم) لكنه يبقى الخفاجي الذي لم اتمنَ له ان يكون بهذا الدور الذي بيته لزملائنا جماعة المالكي ونصبوا لهم كميناً ليكون بالمواجهة معنا بدلاً عنهم(الحرب بالنيابة)، وانا متأكد بان الخفاجي لن يستمر ولن يكون اداة بيد الذين يريدون قمع الاعلام وتكميم الافواه والعودة بنا الى زمن الدكتاتورية والحزب الواحد، وهو الذي بالأمس كان الى جانبنا في شارع المتنبي ونحن نقود اكبر تظاهرة في تاريخ العراق ضد القمع وحرية التعبير، واوكلت اليه المجموعة المنظمة للتظاهرة قراءة البيان واي شرف هذا والخفاجي جدير به ويستحقه، لكنه وللأمانة وافق على التعيين بتشجيع منا وبنية حسنة عسى ان يصلح الحال في الهيئة.
واليوم وبعد ان انكشفت النيات وبان المستور، وعرفت مآرب العاملين في مكتب المالكي ومقاصدهم من تعيين الاعلاميين في تلك الهيئتين فلا عذرَ لمن يستمر فيهما.. وعار على الذين يساهمون في قمع الاعلام والاعلاميين ومحاربتهما.
Amad_alebadi@hotmail.com