بعد الخلاص من الحكم الشمولي في العراق، كنا نعتقد انه بعد سنوات قليلة سيقدم اعلام العراق الجديد نموذجما يحتذى به في المنطقة.
و لكن وبالرغم من الكم الهائل من الدورات الصحفية الموجودة اليوم داخل و خارج العراق و كذلك المعاهد و المؤسسات التدريبية المتنوعة و المبالغ الهائلة التي تصرف على تدريب الصحفيين، لا زال اعلامنا يعاني من انفصام حاد في الشخصية! يقول شيئا و يفعل الآخر.
أحد الأسباب هو وجود نوعين من الصحفيين: صحفي خطوط الامامية وصحفي الدورات. الفرق بينهما شاسع و كل منهما يراوح في مكانه.
لو تمكننا في تقليص الفارق بينهما لتقدم وضع اعلامنا و تطور.
هذه بعض الفوارق بين الصحفيين
الاول: يعتاش على التقارير التي يخاطر بحياته في غالب الوقت من أجل كتابتها و يرسلها الى الوكالات.
الثاني: يعيش على المخصصات اليومية للدورات و أجور النقل.
الاول: خبرته كبيرة بكل المسؤولين و المصادر التي من الممكن أن تعطيه التعليقات و الاخبار حول الأحداث التي تجرى حوله. الثاني: خبير بكل المدربين و المنسقين المحليين للدورات التي تجرى في جميع الاماكن و المعاهد التدريبية.
الاول: لا وقت لديه لحضور الدورات.
الثاني: لا وقت لديه للممارسة الصحافة.
أثناء الازمات: يتنقل الاول من مؤتمر الصحفي الى آخر، الثاني من دورة الى آخرى، حول كيفيه تغطية الازمة التي تدور في البلاد اثناء وقت الدورة.
الاول: يريد أن يكون له السبق الصحفي دائما.
الثاني: يريد أن تكون له الاولوية في جميع الدورات، حتى اذا كانت حول تربية الدواجن.
الاول: يعرف جميع أماكن المدينة، وتكون هذه الأماكن عادة الاكثر عوزا و الاقل خدماتً، يعرف جميع المستشفيات، مراكز الشرطة، الطب العدلي، دور الايتام و الملاجيء.
الثاني: يعرف كل فنادق أربيل السليمانية، عمان، بيروت ...الخ، يعرف جميع المطاعم و أماكن التسوق في تلك المدن.
الاول: حاسوبه قديم، هاتفة النقال لا يسجل الصوت و الصورة. الثاني: حاسوبه من أحدث ما يكون، عمر نقاله شهرين آلة تصويره هي الاحدث.
الاول: خبير بكتابه التقارير الصحفية الجيدة و بلغة سليمة. الثاني: خبير بكتابه طلبات تقديم للدورات و ال CV.
الاول: أرشيفه الصوري يلخص تاريخ مدينته الحديث و صور جميع الشخصيات التي قد يحتاج الى صورها عند كتابة التقارير.
الثاني: أرشيفه الصوري يلخص جميع زياراته الى تلك المدن و يوثق جميع المطاعم، السفرات، الفنادق و الأماكن السياحية الأخرى.
يظهر اسم الاول على صفحات الجرائد و المواقع الاكترونية و نشرات الاخبار.
الثاني: اسمه في لوائح المتدربين و على وصولات الفنادق و المطاعم و استلام المخصصات اليومية.
و اترك بقية الفوارق لكم.
هيوا عثمان، مدير التحرير و التدريب في معهد صحافة الحرب والسلام- العراق