اصبح العراق افضل من 12 دولة اخرى في مجال حرية الاعلام. فقد سجلت منظمة "مراسلون بلا حدود" ان حرية الاعلام في العراق تقدمت على مثيلتها في : فلسطين والصومال واوزبكستان ولاوس وفيتنام والصين وبورما وكوبا وإيران وتركمانستان وكوريا الشمالية، ثم اريتريا التي احتلت المرتبة الأخيرة لكي يحتل بذلك المرتبية 157 (من اصل 169) في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي تصدره منظمة مراسلون بلا حدود كل عام!
ليس هذا بالانجاز الكبير!
كانت حرية الصحافة في العراق افضل في العام الماضي، حيث احتل العراق المرتبة 154.
ربما سيسارع الناطقون الاعلاميون التابعون للحكومة الى نفي هذه المعلومات والتصريح بانها لا تعبر عن الحقيقة وانها غير دقيقة. لكن هذا لن يغير من الحقيقة شيئا، فليس العراق، بعد اربع سنوات ونصف من سقوط النظام الدكتاتوري، بافضل حالا فيما يتعلق بحرية الاعلام. رغم ان الدستور العراقي ينص على حرية التعبير.
لماذا ترجعت حرية الاعلام في العراق خلال السنة الماضية التي حكم فيها نوري المالكي رئيس حكومة الوحدة الوطنية؟
اشارت المنظمة، في تقريرها، إلى أن الصحفيين في العراق "يخشون بالدرجة الأولى الجماعات المسلحة التي تستهدفهم، في الوقت الذي لم تجد فيه السلطات أي سبيل لوضع حد لحوادث استهداف الصحفيين."
هذا سبب اول وجيه بلا شك. فقد مارست المليشيات المسلحة دورا كبيرا في اعاقة حرية الاعلام وقت مبكر من ظهورها على المسرح السياسي العراقي وعبر اساليب كثيرة كان اهمها منع توزيع الصحف في مناطق نفوذها وسيطرتها، فضلا عن توجيه التهديدات للصحافيين، وتنفيذها متى كان ذلك ممكنا بالنسبة لها.
وقد سقط العشرات من الصحافيين برصاص هذه الجماعات وبحسب إحصاء لمنظمة (مراسلون بلا حدود)، فإن نحو (54) صحفيا وعاملا في وسائل الإعلام لقوا حتفهم في العراق منذ بداية العام الحالي (2007) وحتى الآن، بينما افاد الاتحاد الدولي للصحفيين أن حوالي (234) صحفيا قتلوا في العراق منذ الحرب في مارس من العام ( 2003).
ولكن ليس هذا هو السبب الوحيد في تراجع حرية الاعلام في العراق. فقد لعبت الحكومة والمستشارون الاعلاميون لها دورا اخر في ذلك لا يقل عن دور الجماعات المسلحة في تكميم افواه الاعلاميين خاصة اولئك العاملون في وسائل الاعلام التي تمولها الحكومة مثل شبكة الاعلام العراقية. ومع ان هذه المؤسسة اسست لتكون نموذجا في الاعلام العام المستقل عن الحكومة، الا ان الحكومات العراقية المتتالية منذ استعادة السيادة حاولت بمختلف الوسائل السيطرة عليها واخضاعها لتوجهاتها الرسمية. ومع ان وزارة الاعلام الغيت رسميا الا ان المستشارين الاعلاميين حاولوا دون كلل لعب دور "وزير الاعلام غير المعلن" في فرض السيطرة والتوجهات والرأي الرسمي على شبكة الاعلام العراقية. وتفرض الحكومة العراقية الحظر على نشر الكثير من المعلومات او تحصر حق الحصول عليه بدوائر ضيقة ومحدودة. ويقوم بعض الوزراء بالتضييق على الصحفيين ومنع مسؤولي وزاراتهم المختصين من التحدث الى الصحفيين.
وتلعب الاحزاب التي تملك وسائل اعلامية من صحف ومحطات اذاعة وتلفزيون دورا اخر ربما بدا وكأنه غير مباشر في تقييد حرية الاعلام حيث توظف هذه الوسائل الكثير من الاعلاميين الذي يجب عليهم ان يعملوا وفق توجهات هذه الاحزاب وتوجيهات مسوؤليها، مما ادى الى غياب الرأي الاخر في وسائلها.
اخيرا لا يملك الاعلام العراقي حاليا اطارا قانونيا ولا اساسا ماديا للاستقلالية ما يجعله غرضة للاستغلال والانتهاك والتقييد بدون ان يكون قادرا على المقاومة و الدفاع عن حريته.