عرفته في اول ايام معرفتي بالصحافة ، كنت مصححا لغويا، وكان مصورا مقموعا في صحيفة الزوراء التي تصدرها نقابة الصحفيين التي كانت تدار بطريقة لا تسمح لاحد ان يخترق اسوارها الا حين تنقطع به الانفاس.. كان مجيد الخالدي يحمل الكاميرا وينتقل بها من مكان لاخر ليلتقط صورا ثمينة دفعت احد اولاده فيما بعد (علي)، ليلعب معه لعبة القط والفار في سبيل اختلاس صورة ما .. كانت صوره تنبي بحرفية عالية ، جعلت من اولاده مصورين محترفين تعرضوا الى الضرب والاهانة لانهم كانوا يلاحقون الاحداث بكاميرات وقحة جدا مثلما كان هو ايام شبابه حين تلقى العديد من التهديدات ، وكانت واحدة من صوره التي جلبت له المشاكل لكومة ازبال عند نصب الحرية ، ادت الى ان يستهدفه (ابو عتيوه) باطلاقات نارية نجى منها عملا بقاعدة (الصحفي بثلاث ارواح)..
تزوج المرحوم مجيد الخالدي لمرات عدة وواحدة من زوجاته مصورة بارعة التقيتها بصحبته في حفل . وكان اخر عهدي به في شارع المتنبي في2009/8/14 جمعتنا تظاهرة الصحفيين التي دعا لها مرصد الحريات الصحفية ، كان مرهقا اثر فيه حر الصيف ومضي السنون ، وكان في غاية الحماس للنهوض بواقع الصحافة والصحفيين لكنه كغيره من الغيورين على مهنة البلاء والمتاعب غادر عالمنا دون ان يهنأ بلحظات هادئة ووادعة وظل كالاخرين في عناء وكد والم من تجربة طويلة وقاسية ومضنية.
مجيد الخالدي كان شاهدا على قضايا واحداث تاريخية مرت بالعراق ، بدأت من نهايات العصر الملكي مرورا بالجمهوريات المتلاحقة والانقلابات المتعاقبة وكانت الصورة لديه هي الشاهد وهي الوثيقة . في حين كان هو الشهيد الاول الذي مات كمدا ، وهو مؤكد لانه ومنذ سنين كان يبث لي من احزانه ما اغناني في معرفة وجدانه وما يختلج فيه من معاناة .. رحمك الله يا ابا مجدي .. وتحية للمبدعين في بلادي شهود المراحل المفجعة من تاريخ الوطن الموبوء بالحزن والجراح ..
hadeejalu@yahoo.com