أظهر إعلاميون وصحفيون عراقيون تشاؤمهم من استمرار عمليات استهدافهم من قبل جماعات مسلحة مجهولة، عشية الذكرى الرابعة لاندلاع الحرب في العراق، مما يعوق عملهم ويجعلهم في مقدمة الفئات المتضررة خلال موجة العنف الطائفي التي تجتاح البلاد، مبدين استغرابهم من فشل حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي، في توفير الحماية لهم رغم المناشدات الكثيرة التي طالبت بها مؤسساتهم الإعلامية، ومنظمات عالمية معنية بهذا الشأن.
ويقول الصحفي علي محسن البياتي، المحرر في إحدى الصحف اليومية (لم يرغب ذكر محل عمله) "أنه أصبح يحتاط كثيرا خلال طريقه إلى مقر عمله في الصحيفة، أو عودته منها وهو لم يعد يخرج من منزله في وقت معين، كما انه لم يعد يسلك الطريق ذاتها، في الذهاب والإياب، وقام بالمناورة في مكان مبيته اليومي فتارة هو عند شقيقته، وتارة أخرى لدى احد الأصدقاء أو الأقرباء، خاصة وانه يسكن إحدى المناطق الساخنة غربي بغداد".
ويضيف المخرج الإذاعي خطاب عمر "أنه أجبر على الانزواء في بيته دون عمل، بعد تهديدات تلقاها من أشخاص مجهولين ينذرونه بضرورة ترك العمل خلال يومين فقط، وإلا تعرض للقتل مع أفراد عائلته"، وأضاف أن "ذلك التهديد جاء عبر وضع مغلف أبيض أمام باب داره، بداخله إطلاقه نارية ورسالة تتضمن آيات قرآنية لم يفهم علاقته بها، أو حتى نوع الجرم الذي ارتكبه، خاصة وانه من الأشخاص المستقلين، الذين لا ينتمون إلى أية جهة حزبية، ولم يبدر منه ما يسيء إلى أية جهة كانت".
وأشار عمر إلى أن "الأجواء التي يعمل بها الصحفيون في الداخل، أصبحت خطرة جدا، وقد تكلف الصحفي حياته دون سبب يذكر" أما الصحفي محمود عبد الرحيم (جريدة الرسالة) الأسبوعية، فانه يفكر جديا بترك العمل والبحث عن فرصة خارج العراق، ربما تكون في البحرين، أو في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يعمل ابن عمه الذي دعاه لزيارته ومساعدته في إيجاد عمل، حتى لو كان بعيدا عن الصحافة".
ويقول رئيس قسم المنوعات في مجلة ألوان، سليمان كاظم الفاضلي "أنه قرر ترك عمله الصحفي في هذه المجلة الأسبوعية، وظيفة إدارية في إحدى الدوائر التابعة لوزارة التجارة، بعد أن قدم مبلغا ماليا كرشوة إلى موظف كبير فيها ليسهل له ذلك، معللا هذا الأمر بأنه أكثر استقرار واضمن لحياته، خاصة وأنه المعيل الوحيد لعائلته المتكونة من 7 أفراد".
يشير الصحفي خالد طالب من جريدة الاتحاد، "أنه شغف كثيرا بالصحافة منذ نعومة أظفاره، وقد ضحى بدراسته في العلوم الاجتماعية في سبيل الحصول على مقعد في كلية الإعلام، وهو مصر على الاستمرار بعمله مهما كانت الظروف"، وأضاف إلى "انه تعرض للخطر عدة مرات بسبب ظروف عمله، وكاد يذهب ضحية عملية اختطاف جماعي، خلال عمله محررا صحفيا في إحدى المؤسسات، لولا إرادة الله.
كما أوقفه ذات مرة عناصر ميليشيا معروفة، للشك فيه بسبب عودته للمنزل قبيل المساء بقليل، إلا أن معرفته الشخصية بأحد عناصر الميليشيا في آخر لحظة هي ما أنقذه". ويروي الناقد الفني المعروف عادل كامل حكايته بالقول إن "سيطرة وهمية أوقفته مع زميل له خلال توجهه إلى دائرة الشئون الثقافية، وعندما عرفوا انتماءهما المذهبي قاموا بوضعهما في صندوق السيارة الخلفي، لأخذهما إلى مقرهم ولكن إرادة الله شاءت أن تمر دورية أمريكية، أجبرت الجناة على الهرب، وقامت بإطلاق سراحهما".
ويقول رئيس تحرير إحدى الصحف اليومية المعروفة، والذي طلب أن يرمز له باسم أبو فرح أنه "وجه عدة كتب رسمية إلى وزارة الداخلية، لتامين عدد من عناصر الشرطة لحراسة مقر صحيفته، خاصة وانه يقع في منطقة عادة ما تشهد عمليات مسلحة، إلا أن الرفض كان الجواب في كل مرة، وبالطبع فان هذا يضيف نسبة أخرى من الخطر الذي يتهددنا بسبب طبيعة عملنا".
ويقول المصور الصحفي علي الموسوي "انه كاد ان يتعرض للاعتقال والضرب من قبل رجال الشرطة، بسبب قيامه بتصوير سيارة مفخخة، انفجرت للتو في منطقة شارع السعدون وسط العاصمة بغداد، بالرغم من إبرازه لهويته الصحفية، إلا أنهم أصروا على اصطحابه معهم إلى مركز الشرطة، حيث قام الضابط المناوب بإطلاق سراحه".
وكان العشرات من الصحفيين والإعلاميين العراقين قد لقوا مصرعهم، على أيدي مجموعات مسلحة، فيما لا يزال بعضهم مختطفا منذ مدة طويلة دون معرفة أية أخبار عنهم. وتصنف هيئات صحفية دولية العراق، على أنه من أخطر مناطق العمل بالنسبة للصحفيين على مستوى العالم.