يعاني الصحفيون العراقيون من التهديد و الخطف والاغتيال و المضايقات اليومية، أما زملائهم في اقليم كردستان العراق و ان كانوا يعيشون في مدن تتمتع باستقرار أمني ملحوظ و لا تشهد انفجار السيارات المفخخة والعبوات الناسفة الا انهم يعانون من القيود و الضغوط المتزايدة التي تمارسها السلطات المحلية ضدهم.
يشكو الكثير من الصحفيين الأكراد من عدم وجود تشريعات ديمقراطية شفافة تنظم العمل الاعلامي في العراق بشكل عام و في اقليم كردستان بشكل خاص. يقول (سامان فوزي) أستاذ قسم الاعلام بجامعة السليمانية ان البنود القانونية المعمول بها في مجال العمل الاعلامي و القوانين التي يستند اليها في مقاضاة الصحفيين العراقيين هي نفسها القوانين التي صدرت في عهد النظام السابق، "ان قانون العقوبات العراقي الصادر عام 1968 يقضي بالحكم على كل من ينتقد او يشتم رئيس الجمهورية بالسجن المؤبد. و من المضحك ان يكون هذا القانون نافذا الى الآن على الرغم من الادعاءات المتكررة بانشاء نظام ديمقراطي في العراق". و يذكر (فوزي) ان قانون المطبوعات الذي أصدره البرلمان الكردستاني عام 1993 يتضمن تعديلات على بعض فقرات القانون العراقي الا انه لم يأت بتغييرات جوهرية، " ان قانون المطبوعات لعام 1993 لم يحدد اية عقوبات بحق الصحفي في حالة ارتكابه مخالفة مهنية مما ترك فراغا قانونيا استدعى الرجوع الى القانون العراقي في معظم الدعاوي التي رفعت ضد الصحفيين خلال السنوات السابقة".
شهدت محاكم اقليم كردستان خلال السنتين الماضيتين الكثير من الدعاوي التي رفعها المسؤولون الحكوميون و الحزبيون ضد الصحف الأهلية ورؤساء تحريرها و ذلك لنشرها تقارير و كتابات تحتوي على انتقادات لسلوك و تصريحات ومواقف بعض هؤلاء المسؤولين. و قد ارتفعت نتيجة لذلك أصوات كثيرة تطالب البرلمان الكردستاني بسن قانون جديد للصحافة تنسجم بنوده مع مبادئ الديمقراطية و حرية التعبير. و استجاب البرلمان الكردستاني لاحتجاجات الأوساط الاعلامية و أعد مشروع قانون الصحافة و قام بعرضه على الصحافيين الأكراد لابداء ملاحظاتهم بشأن بنود مشروع القانون تمهيدا لمصادقته في وقت لاحق هذا العام.
و لم يخلو المشروع الجديد من نقاط ضعف بنود مثيرة للجدل، مما أثار موجة جديدة من الاعتراضات في الوسط الاعلامي و القانوني الكردستاني. يرى (كمال رضا) نقيب المحاميين في السليمانية انفي مشروع القانون عدة بنود متناقضة، ففي حين ينص القانون على ضمان الحرية الكاملة للصحفيين في الحصول على المعلومات و نشرها دون اية قيود، يمنع القانون في المادة (8) محاولة الصحفي للحصول على و نشر المعلومات التي لها طابع سري و تتعلق بالدفاع والأمن القومي للاقليم. يقول كمال رضا: "ان مفهومي (الدفاع) و (الأمن القومي للاقليم) يعتبران من المفاهيم الغامضة التي لم يتم تعريفها بشكل واضح او تحدد أبعادها لذلك قد يساء تأويل اي خبر او مقال في صحيفة و يعتبر تهديدا للأمن القومي للاقليم تمهيدا لمقاضاة الجريدة و كاتب المقال".
يشيد (سامان فوزي) ببعضالفقرات الجديدة في مشروع القانون و خاصة تلك التي تؤكد على حق الصحفي للوصول الىالمعلومات و الحصول عليها من مصادرها. و لكنه في الوقت نفسه ينتقد القانون لخلوه مناية اشارة الى العقوبات المحتملة ضد المسؤولين او الموظفين الحكوميين الذين يخفون المعلومات و الحقائق عن الصحفيين. بعكس القانون النرويجي او السويدي الذي يعطي الحق للصحفي باقامة الدعوى ضد اي مسؤول او موظف يمتنع عن اعطاء المعلومات للصحفي خلال اربع و عشرين ساعة.
و من النقاط الايجابية في مشروع القانون التأكيد على منع توقيف او سجن الصحفي في حال مقاضاته بتهمة التشهير او الاساءة و يكتفي القانون بفرض غرامة مالية على الصحفي اذا ادين باية تهمة جنائية جراء نشر تقاريره. و كان عددا من الصحفيين و الكتاب الأكراد قد حكم عليهم بالسجن لمدد متفاوتة خلال العامين الماضيين بسبب كتاباتهم.
يطمح الصحفيون الى ان تصبح الصحافة السلطة الرابعة في اقليم كردستان و يخشى الكثير منهم ان تؤدي البنود المتناقضة في مشروع القانون المعدل الى خلق ثغرات قانونية تعرقل عمل الصحفي و تقيد حريته في كشف الأسرار واظهار الحقائق السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية، لاسيما ان كل انتقاد لأداء الوزارات و و كشف مظاهر الفساد الاداري و المالي في الادارات الاقليمية قد يفسر كأنه تشهير ضد شخص المسؤول او تهديد على الأمن القومي للاقليم.
اعداد: آسو صالح – السليمانية