فنجان قهوة ساخنة وتصفح جريدة اليوم بعد ان يجلس في مقهى هادئ مكيف ، هذه هي احتياجات اغلب الصحفيين العراقيين في ما مضى .
اما اليوم فاغلب الصحفيين يبحثون عن مكان امن يقفون فيه اقل من عشر دقائق يجمعون افكارهم وسيارة سريعة لاتلحق بها باقي السيارات ودرع خفيف ضد الرصاص يسهل ارتدائه بدون اظهار معالمه .
منذ عام 2003 وكل الصحفيين ملاحقون في العراق اجانب عرب عراقيين , رؤساء التحرير مراسلون مذيعون ومقدمون للبرامج وحتى مساعديهم بلاضافة الى العاملين و اصحاب المطابع وبائعي الصحف ايضا .
حتى بعد وفاتك ياصديقي اهلك يخشون ان يبوحوا باسمك وعملك الصحفي .
اغلب الصحفيون المميزون قتلوا او خطفوا ومنهم من نجا او اصيب بعاهة مستديمة بعد نجاته من حادث اغتيال مدروس ومحكم .
ترى من يستهدف الصحفيين في العراق ومن بقيت يداه غير ملطخة بدماء شهداء الصحافة , الجماعات المسلحة ,المليشيات ,فرق الموت’ قوات الاحتلال ,الحكومات المتعاقبة على العراق منذ انهيار النظام السابق.
كان هناك في وقت ما صحفيون يبتسمون بعد خروجهم من المؤتمرات وكان هناك من يقوم ببث مباشر وتغطية مباشرة للاحداث في شوارع بغداد في الكرادة والمنصور وشارع الزيتون في كرادة مريم والبياع ومدينة الثورة واجمل التقارير الصوتية في ابو نؤاس والاعظمية والكاظمية وحي الجامعة .
من ياترى قتلكم وهجركم هل انتم شيعة ام سنه هل انتم متصوفون ام سلفية ام من مدرسة الجعفرية وربما علمانيون لا تؤمنون بكل هذه المدراس الاسلامية .
مازلت اذكر عندما كنا نسير باتجاه المدينة القديمة في النجف الاشرف عندما سألنا احد ضباط الشرطة عن هويتنا ووجهتنا وبعد ان عرف اننا صحافة خيرنا بين الرجوع او الاعتقال.
حاولت مع زملائي ان نتفاهم مع الضابط وكنا في وقتها قرابة السبعة صحفيين من ضمننا احد طاقم وكالة رويترز واخر من هيئة الاذاعة البريطانية .
بادرت الحديث واخبرته باننا يجب ان نصل الى المدينة القديمة حيث (فندق بحر النجف) لكي نقيم فيه اياما قليلة .
قال لي وبصوت غاضب ومرتفع ارجعوا والا نطلق النار .
انا كعراقي كنت اعرف بانه سوف يطلق النار ولكن زملائي لم يتوقعوا ذلك عندها حاولوا ان يتحدثوا معه مرة اخرى .
عندها بدا الضابط يستدعي افراد طاقمه وامرهم باطلاق النار صوبنا.
انبطحت ومسكت احد زملائي بقوة لسحبه الى الارض لكي نبتعد عن مسار الرصاص الكثيف.
صرخ احدهم وقال نحن صحافة نحن صحافة لاتطلق النار توقف نحن مسالمون توقف، لم يتوقف أطلاق النار حتى اصيب ثلاثة مدنيون باطلاقات نارية عندها رجعنا الى الوراء ونحن نهرول خافضي الرؤوس..................
كذلك اذكر كيف أعترضنا فرد واحد من احدى (المليشيات) وامرنا بافراغ كل شيء في جيوبنا و حقائبنا ومن ثم طلب مني ان اقراء له كل ما مكتوب في دفاترنا.
لقد كانت مهمة شاقة جدا علية ان اقراء اكثر من ثلاثة دفاتر بسرعة لكي يقتنع ذلك الشخص المجهول الذي يحمل سلاح ( البي كي سي ) بان من مسكهم هم صحفيون مستقلون لا علاقة لهم باي جهة ..........
ارتديت الدرع الواقي من الرصاص و دعوت نفسي لجولة صغيرة في طرقات مدينة الرمادي لعلي اجد فيها رجلا مدني اسئلة ان كان مقتنع بالعمليات لمسلحة ام لا, وماهي المساوئ التي قامت بها القوات الامريكية في المدينة ؟.
وجدت طفلا صغيرا لايتجاوز عمرة الثانية عشر عاماً وهو ينظر لي باستغراب و سبقني القول وسألني هل انت شرطي ؟
ابتسمت وقلت له كلا انا صحفي مستقل اعمل لاحدى الصحف الاجنبية جئت لاعرف ماذا يحصل هنا في الرمادي ؟
نظر لي الطفل وقد بدت نظراته كانها نظرات خبير الامن الذي دربني قبل شهور كيف احمي نفسي في حال اندلاع اشتباكات او محاولة خطف وقال لي "اهرب من هنا سوف ياتون المجاهدين ويقطعون راسك ".
لقد احسست بالقشعريرة من هذا الفظ ولكن الطفل كان يتكلم باصرار وكانه واثق مما قاله ........
وفي مقر احدى المنظمات اصر الشيخ.......... على ان نكتب كلمات معينة واصر انها يجب ان تكون في المقال والا لن يسامحنا ابدا.
وعندما اخبرته بان هذا خارج عن قانون الصحافة الدولية.
قال لي اذن عليك ان تترك عملك في الصحافة الدولية.......
ترى من يستهدف الصحفيين في العراق ومن بقيت يده غير ملطخة بدماء شهداء الصحافة، الجماعات المسلحة، المليشيات، فرق الموت، قوات الاحتلال، الحكومات المتعاقبة على العراق منذ انهيار النظام السابق.
من قتلكم وهجركم هل انتم شيعة ام سنه هل انتم متصوفون ام سلفية ام من مدرسة الجعفرية, ربما علمانيون لاتؤمنون بكل هذه المدارس الاسلامية.
هل ندعوا من يقتل الصحافة خائفا .....؟
فمن يقتل اما خائفا او حاقدا ............
كتبت هذه الكلمات المختصرة وفاءا مني لاحد الاصدقاء الصحفيين الذي قتل برصاصة قناص امام منزلة, طيب الله رثاه.
ضياء رسن