موظفوها: ربما يقتل بعضنا.. لكن هذا ثمن الحرية
يبث فريق من ستة أشخاص برامج قناة تلفزيونية عراقية «مستقلة» تدعو الى التعايش السلمي، وذلك من مكان وسط الصحراء يحرسه جنود أميركيون وعراقيون، نصب فوقه برج للارسال ارتفاعه 350 مترا.
ويقول رافد محمود أحد الشركاء في «الشبكة المستقلة للاذاعة والتلفزيون في العراق» التي تم تدشينها اول من امس بعد اشهر من انطلاقتها «لم أكن حرا ابان النظام السابق، اما الآن فالارهابيون وفرق الموت يريدون ان أعيش مجددا في ظل الخوف، لكنني لن أفعل». وتطمح القناة التي تبعد 20 كلم عن بعقوبة، كبرى مدن محافظة ديالى، الى بث رسائل تتجاوز الانقسامات ذات الطابع الطائفي. وتستخدم محطة تم تشييدها عام 1986 خلال عهد صدام حسين في مكان ضائع وسط منطقة صحراوية. ولا يزال هناك ستة أشخاص من أصل 55 كانوا يعملون في المحطة عند بدء المشروع. ويرفض المتطرفون من الشيعة والسنة الرسالة التي تتبناها المحطة.
ويقول سمير خميس، 28 عاما، الشريك في المحطة «تلقيت تهديدات لكنني أؤمن بعملي». ويضيف «أعيش هنا منذ خمسة أشهر وأجري اتصالات هاتفية مع عائلتي التي لم ألتقيها مذ ذاك، فنحن نعمل 14 ساعة يوميا من الثامنة صباحا حتى العاشرة مساء». ورغم ان ظروف السكن والعيش اكثر من صعبة في هذا المكان القاحل حيث لا مياه، يوضح خميس الذي يقدم نشرة الاخبار ايضا «نشعر بالأمان هنا، صحيح اننا في وسط الصحراء لكن لدينا كل ما نحتاج اليه للبث».
من جهتها، تقول دنيا عبد اللطيف، 20 عاما، التي تعمل مقدمة برامج ومنسقة للأغاني والموسيقى وتشارك في المونتاج «أحاول مساعدة العراقيين للحصول على الحرية، ليست حرية القتل ولكن حرية التعبير والتفكير والعيش كما يرغبون». وتضيف دنيا، وهي سمراء صاحبة عينين زرقاوين، أن عائلتها تؤيد عملها رغم أنها حاولت أولا إقناعها بعدم القيام بذلك لأسباب أمنية.
وتتابع مقدمة البرامج أن «هذا العمل يشكل خطرا علينا؛ فمن الخطورة التحدث بحرية في العراق اليوم. ولكن اذا كنت خائفة والآخرون خائفين فمن سيساعد العراق؟». ويؤكد خميس أن «القناة هي الوحيدة المستقلة؛ ففي العراق ليس هناك وسائل اعلام مستقلة، فهي اما سنية واما شيعية»، مشددا على «وجوب توحيد الناس».
وتمول الولايات المتحدة القناة بشكل رئيسي عبر شراء أوقات للاعلانات ودعم لوجتسي للبرج المخصص للبث. وتقدر موازنتها لعام 2007 بين 150 و200 ألف دولار. كما تشتري الحكومة العراقية أوقاتا للاعلانات. ورغم ذلك، يؤكد خميس أن الولايات المتحدة «لا تراقب ولا تريد أن تراقب محتوى ما نقدمه».
من جهته، يقول بول ماكليبس المستشار الذي يساعد القناة في انطلاقتها ويتقاضى راتبه من الاميركيين إن «المحطة تحاول تنويع عائداتها وإعلاناتها، كما تعمل في مجال التجارة الالكترونية والاستعراضات الفنية». ويضيف «انهم أبطال ومن الطبيعي ان نساعدهم».
يشار الى ان 155 صحافيا وعاملا في وسائل إعلام غالبيتهم القصوى من العراقيين قتلوا منذ بدء الغزو قبل أربعة أعوام.
ويقول محمود «ربما يقتل بعضنا فهذا ثمن الحرية، لكن الخوف من القتل يجب ألا يدفعنا الى نسيان العيش؛ فالشجاعة تتقدم على الخوف».
أ.ف.ب