مرصد الحريات الصحفية

مرصد الحريات الصحفية

الصفحة الرئيسية > قضايا ومقالات > قانون حماية (نقابة...

قانون حماية (نقابة الصحفيين) من الصحفيين

يبدو ان (قانون حماية الصحفيين) الذي قرأه مجلس النواب قراءته الاولى، كتب بنفس الكيفية التي كتبت بها مجموعة من القوانين، التي يحاول المجلس اليوم تعديلها واعادة النظر بها لعدم انسجامها مع الواقع اولا، او لظهور وبيان عيوبها مع مرور الوقت ثانيا.

 

عند وقوع مسودة قانون حماية الصحفيين الذي كنا ننتظره نحن الصحفيون العراقيون اصبنا بالاحباط والصدمة والخوف على مستقبل الصحافة في العراق، فالمشرع الذي اقترح هذا القانون وفق صياغته الحالية لا يريد لمستقبل الصحافة في العراق ان تكون حرة مستقلة، بل يريدها ان تبقى تحت طائلة سلطة الجهة التنفذية، وهذا واضح من خلال سياقات القانون التي يطغى على فقراته ذوق السلطة التنفيذية في اكثر من فقرة وكما سنبينه لاحقا.

 

والا اين ذهبت الانتقادات التي وجهها الجميع ومنها السلطة التنفيذية للصحافة في زمن النظام السابق التي لم تكن سوى بوق لسلطة النظام السابق، فالمشرع لهذا القانون يريد ان يضع قدم الصحافة العراقية بنفس الطريق التي سارت عليه في زمن النظام السابق، فهو يضع الصحفي العراقي (فيما لو تم الاعتراف به بانه صحفي) تحت طائلة المطاردة والملاحقة القضائية في ابسط قضية قد لا تروق لابسط مسؤول في الدولة العراقية، بل حتى لابسط شرطي في الشارع.

 

اما حجة مشاركة نقابة الصحفيين العراقيين بكتابة هذا القانون، فهذه الحجة غير كافية بل لا تصمد امام الاعتراضات الجمة من قبل الصحفيين العراقيين على هذه النقابة. فالنقابة عند كتابتها لهذا القانون ارادت به ان تصفي حسابها مع المنظمات المعنية بحماية حقوق الصحفيين وتريد ان تجردها من نشاطها الذي طغى نشاطاها على نشاطات النقابة.

 

فالقانون المقترح الحالي هو اعادة لتأسيس وزارة الاعلام المنحلة، ولكن تحت يافطة نقابة الصحفيين، فبدلا من ان تكون نقابة الصحفيين العراقيين مرجعية صحفية معنوية اصبحت وفق هذا القانون سلطة تنفيذية مسيطرة على كل مورد من موارد الصحافة العراقية، وهذا الامر بحد ذاته هو تأسيس لصنع (دكتاتورية صحفية) لو صح التعبير، ويدفع الجميع الى اساءة الظن ومحاول معرفة حجم العلاقة بينها وبين السلطة التنفيذية، واحتمالية اعطائها صلاحيات تخدم الحكومة، ولا تخدم الصحافة.

 

فالصلاحيات التي حظيت بها النقابة في هذا المقترح غريبة وكبيرة جدا لا تنسجم مع التوجه الديمقراطي الجديد للعراق.

 

على الرغم من النهضة الجبارة التي نهضت فيها الصحافة العراقية بعد ست سنوات من سقوط النظام السابق وبفترة فراغ تشريعي يحميها ظلت نقابة الصحفيين تغرد خارج السرب ولم يكن نشاطها بمستوى هذه النهضة او بمستوى دماء ابناء هذه المهنة التي اذهلت العالم وجعلته ينظر اليه بكل احترام. ومع هذا يأتي المشرع لمقترح القانون يحاول وضع قانون لحماية نقابة الصحفيين من الصحفيين انفسهم، ولا يضع قانون لحماية الصحفين. وكما نراه وفق النقاط التالية:

 

1- تشير المادة (1/اولا) بان احكام هذا القانون تسري على الصحفيين العراقيين. وهي توحي بشمول جميع الصحفيين العراقيين، في حين تأتي النقطة (ثانيا) من نفس المادة تنقض التي قبلها وتُعرف الصحفي بكل عضو منتم الى نقابة الصحفيين. مما يعني ان الصحفي الذي لا ينال عضوية النقابة لا يسري عليه هذا القانون وتعرضه الى الملاحقة القانونية، بل ان هذه المادة هي ترسيخ لمبدأ الارهاب الذي يتعرض اليه الصحفي العراقي وهي الضوء الاخضر لممارسة كل اشكال العنف ضده.

 

فهل سأل المشرع الذي وضع هذا المقترح عن الية حصول الصحفي العراقي على هوية الانتماء للنقابة، التي حولتها النقابة الى امتياز عزيز على الصحفي ومباح الى غيره. وهناك حوادث كثيرة في هذا الامر لا داعي لذكرها.

 

لم يسبق في كل نقابات المهن المحترفة ان يسلب صاحب المهنة من مهنته لانه لم ينل عضوية النقابة، فهل يصح القول ان المعلم هو ليس بمعلم اذا لم ينتم الى نقابة المعلمين، وهل يصح القول ان الصيدلي ليس بصيدلي اذا لم ينتم الى نقابة الصيادلة، وكذا الحال بالمحامي والفنان... الخ.

 

2- ورد في المادة ٤ من مسودة القانون، بان للصحفي الحصول على المعلومات والانباء والبيانات والاحصائيات من مصادرها بما يسمح به القانون والاحتفاظ بسرية مصادر معلوماته. كما ورد في المادة (٥ ثانيا) من مسودة القانون بان للصحفي التعقيب فيما يراه مناسبًا لايضاح رأيه بغض النظر عن اختلاف الرأي والاجتهادات الفكرية في حدود الاحترام الواجب للقانون، كذلك ورد في المادة ٦ بان للصحفي الاطلاع على التقارير والمعلومات والبيانات الرسمية وعلى الجهة المعنية وتمكينه من الاطلاع عليها والاستفادة منها ما لم يكن إفشاؤها يشكل ضررًا بالمصلحة العامة ويخالف أحكام القانون. وايضا ورد في المادة ٨ بانه لا يجوز مساءلة الصحفي عما يبديه من رأي او نشر معلومات صحفية وان لا يكون ذلك سببًا للإضرار به ما لم يكن فعله مخالفًا للقانون.

 

كل هذه الفقرات تيبح للصحفي كل شيء بما يتلائم مع مهمته وواجبه، ولكن في الوقت نفسه نلاحظ تكرارعبارات غير واضحة وعائمة ومطاطية وقابلة للتأويل، وهي تختص باخطر الحالات التي يعيشها الصحفي العراقي، بل هي مختصة باهم شيء في القانون وهي حمايته، فالمطلع على هذه الفقرات لا يلمس اي رغبة للمشرع بحماية الصحفي. فقد تكرر في اكثر من مورد بانه يحق للصحفي ان يفعل كذا، اذا لم يكن فعله خرقا للقانون، او يخالف احكام القانون، او قوله ما لم يشكل ضررا بالمصلحة العامة.

 

وحسب فهمي ان القانون يعني : هو مجموعة القواعد الملزمة التى تحكم السلوك والعلاقات الخاصة بالافراد في المجتمع والتى تكون ملزمة لهم وإلا فإن العقوبات تطبق عليهم بواسطة السلطات المختصة.

 

ان اطلاق مصطلح خطير وهو (القانون) بهذه الكيفية بدون توضيح، تجعل الصحفي الطرف الاضعف في معادلة الاجواء التي يعيشها، فقبل وضع مصطلح القانون، كان الاولى تعريفه اولا حسب المواد الواردة فيه. مثلا... لو حدث خلاف بينه وبين رجل الامن، يمكن لرجل الامن ان يلفق على الصحفي أي حجة تضعه تحت طائلة القانون وقد تصل الى وضعه تحت طائلة المواد المتعلقة بالارهاب !! وبهذا يكون الصحفي خارقا للقانون، او ان نشر الصحفي وثائق معينة خاصة بالكشف عن الفساد الاداري والمالي لاحد الوزراء او الموظفين، قد لا يعجب الحكومة نفسها وبهذا يمكن للحكومة المسيطرة على الجهاز التنفيذي ان تضع الصحفي تحت طائلة القانون. هناك حوادث كثيرة عرضت صحفيين ومؤسسات صحفية الى حراجة مثل هذا القبيل، ابسطها ان صحفي في قناة الحرة تعرض لحادثة مع حماية احد النواب، وما نقلت الى الاعلام، حتى ظهر بيان من هذا النائب شديد اللهجة ويلوح باللجوء الى القضاء.

 

ومثال اخر مهم، بان ينشر الصحفي ملفات مهمة مثلا تختص بالقوات الامنية، يمكن ان تدفعهم الى الترويج بانها تمس الامني الوطني، وبهذا لا ممر للصحفي الا ان يكون خائنا للبلد وانه يخدم اجندة ارهابية معينة.

 

اقول... ان العمل الصحفي هو شرف ورجولة وامانة، يرتكز على الشفافية والتنزه عن أي اتجاه، ومن مصلحة الجميع ان يكون حرا، لانه عامل مساعد للجميع، إن كان على مستوى الحكومة او المعارضة او المؤسسات العسكرية والامنية وكذلك المدنية، وان تشريع مثل هكذا قانون له، هو تهديم للديمقراطية التي نريدها جميعا الوتد الاوسط الذي يحمي البيت العراقي من الانهيار، فالدولة التي لا تملك صحافة حرة لا تملك ديمقراطية، وعلى هذا الاساس سميت مهنة الصحافة بالسلطة الخامسة. اذن الصحافة ليست مجرد مهنة بل هي ركن من اركان الدولة كما هو معروف ان اركان الدولة تتكون (الوطن والحكومة والسيادة والشعب)، فان طبقت الصحافة مع الشعب فهي منها وان طبقت مع الحكومة فهي منها وكذلك الحال الانتماء للوطن والمحافظة على السيادة.

 

وخلاصة القول... ان هذا القانون يجعل مهنة البحث عن المتاعب مؤسسة تابعة للحكومة او تابعة لمؤسسة (نقابة الصحفيين) يمكن ان تكون تابعة للحكومة، والا كيف يمكن للحكومة ان ترحل القانون الى مجلس النواب بهذه الكيفية.

 

في الوقت الذي نعبر به عن ثقتنا بالخيرين من اعضاء مجلس النواب الذين سيقفون ضد تمرير هذا القانون، الا اننا بالوقت نفسه نخشى من الضغوطات و(اللوبي) الذي يمكن ان يؤسس داخل هذا المجلس لتمرير هذا القانون، والاكثر خطورة ان يدخل هذا القانون ضمن مبدأ الصفقات السياسية التي يمكن تعقد.

 

 

 

  • انتهاكات ضد مجموعة صحفيين غطوا تظاهرة ضد الفساد في حلبجة

  • كردستان: اعتقال الصحفيين لن يخفي الأحداث ويقود لنتائج عكسية

  • لجنة حماية الصحفيين تطالب سلطات العراق بضمان حماية الطائي وضمد

  • سحب الهاتف والتوقيع على ورقة مجهولة.. صحفية تروي ظروف اعتقالها في السليمانية

  • قوة أمنية تعتدي على كادر الرابعة في البصرة بتحطيم المعدات والضرب والاحتجاز

  • وزير الداخلية يقاضي الإعلامي حيدر الحمداني بتهمة القذف والتشهير

  • قانون جرائم المعلوماتية: مُفصّل على مقاس السلطة.. ومخيّب لتطلعات الصحفيين

  • تعرض المراسل فاضل البطاط الى اعتداء على يد أمن فندق غراند ميلينيوم البصرة