اظن ان الانتحار في الشرق – وعندنا خاصة- فعل نجهل مسبباته، ونصر عليه دون ان يكون هوالهدف الذي نسعى اليه، ولكنها حالة من المرض تعترينا فلا نجد علاجاً لها.
وعندنا في الصحافة والاعلام، اناس صاروا يسلكون مسالك الجهل ويتردون ويتسافلون بقصد اوبغيره. ولا يفهمون ان احترام رجل الاعلام يكون حقاً قدسياً حين يؤدي عملاً مهنياً اويسعى لتغطية نشاط ما، اوان يذهب في طلب مسؤول ليحصل منه على خبر ينتفع به الجمهور، الى سواها من المساعي المهنية.
اما احترامه في مواضع ليس له فيها من عمل انما جاء ليشتري قنينة بيبسي اوان زوجته طلبت اليه شراء ـ حفاظات) لصغيرهم، اوانه عند بائع الخضراوات، اوان يكون في (سَرَه البنزين)، اوعند موقف السيارات. فذلك يعود لسلوكه هوولطبيعة خلق من يتعامل معه.
فما علاقة حرية الصحافة وانتهاكها، بصحفي ذهب عصراً الى سوق الكرادة واوقف سيارته ثم مضى الى السوق ليتبضع، اويجلس في مقهى ارخيتة. وينسى السيارة فيأتي رجل المرور ليحرر مخالفة، وحينها يزعل الزميل الصحفي (وينعل ابوالمرور) ويطلب منه التغاضي عن المخالفة لانه صحفي، والصحفي فوق القانون، ولا ينطبق عليه ما ينطبق على سواه من المواطنين، وهوواهم بالتاكيد، فالصحفي له الحق ان يعامل معاملة خاصة حين يجتهد في اداء واجب مهني، وربما اساء له البعض اومنعوه من التغطية الملائمة للحدث.
اما حين يكون في محل لبيع المشروبات الغازية، اومقهى فهومواطن، ويعامل كما يعامل سواه. واذا طلب من الاخرين ان يوفروا له من الاحترام ما يناسبه، فعليه اولاً ان يحترم نفسه وعمله ورسالته الاعلامية، لا ان يتخذها وسيلة للكسب والتعالي على الناس البسطاء اويترفع بها على القانون.
وكم من حالة مررت بها كنت في ضيق واستحيت ان اطلب مساعدة شرطي اورجل في الجيش بحجة اني صحفي.. لكني بالمقابل شهدت سلوكاً رائعاً من بعض عناصر القوات الامنية وفي واحدة منها، وجدت ان الطريق مغلق ولا يمكن عبور السيارات واستنجدت بشاب عسكري، فاوقف سيارة فيها ضابط وكنت في منطقة العبيدي شرق بغداد، وطلب اليه نقلي الى اقرب نقطة، وهكذا قال للضابط: (سيدي هذا صحفي ومهم) ولست انا المهم، انما هوعملي ووصفي.. اذن على الصحفي ان يترفع عن النقائص وما لا يليق ليكون مقبولاً عند عامة الناس