نظرة واقعية في الحاجة لتأسيس فضائية متخصصة بالمعاقين
* م.م. صفد حسام حمودي الساموك
تدريسي وباحث في شؤون الإعلام والاتصال
مركز جامعة بغداد
لمراسلة الباحث:
Samouk_76@yahoo.com
في ظل وظائف ومهام إعلامية ونفسية واجتماعية كبيرة اضطلع بها التلفزيون, تكون الحاجة ملحة لتناول دور تلك الوسيلة في إعادة إدماج المعاقين في المجتمع العراقي, بوصفهم أفراد فاعلين ومنتجين فيها, والوقوف بالضد من تكريس "صورة ذهنية" سلبية عن تلك الشريحة, التي بلغت أعدادها مليون شخص, وفق إحصائيات معتمدة, قد تسهم في عزلهم, وتحد من إمكانيات الإفادة من مهاراتهم وخبراتهم مستقبلا.
إن الإقرار في إسهام التلفزيون على المستوى العالم في تكريس العزل المرئي للمعاقين وتقديمهم على إنهم "مثيرون للشفقة" في اغلب الأحوال في شتى الأنواع الصحفية, يتطلب من الباحثين في الشؤون الإعلامية والقائمين على منظومات الاتصال على المستوى الجماهيري, أن يحددوا ملامح استراتيجيات إعلامية حذرة وفاعلة تتناول احتياجات ومتطلبات المعاقين, ويعزز رأينا هذا, من يذهب إلى ((إن الإعاقة ليست مرضا, بل تأخرا ملحوظا في النمو, يستدعي توفير مجالات وظروفا خاصة لتحقيق هذا النمو)), ويمكن أن يكون التلفزيون احد أهم تلك المجالات, التي تسعى في تحقيق هذا النمو.
اثر التلفزيون في المجتمعات المحلية
نتج عن جمع خصائص الصوت والصورة المتحركة في التلفزيون, أن يكون أكثر تأثيرا في النفس وأكثر مدعاة للثقة, من وسائل الاتصال الجماهيري الأخرى, وصار سمة من سمات العصر, عقب أن أعطى جموع المتلقين الإحساس بأنهم شهود عيان على التاريخ الذي يمر أمامهم من على الشاشة, وتملكهم الشعور بالمشاركة بالنيابة في عدد من الأحداث, فبوسع التلفزيون التركيز على التفاصيل, الأمر الذي يزيد من قدرته على إقناع شرائح المتلقين, وجانب تلك المزايا استخدام الألوان, التي أضفت على المضامين المعروضة عبر تلك الشاشة, واقعية الأشياء وقدمتها على طبيعتها, فضلا عن مقدرته على إعانة المتلقي في تعزيز قدرته على التمييز بين هذه الأشياء, وتشد من تركيزه.
وتشير الكثير من الدراسات على دور التلفزيون في تشكيل الصورة الذهنية, وأثرها بالتالي في إحداث التأثير على المتلقي وتوجيه سلوكه, في شتى المجالات الحياتية, وبالاتجاهين السلبي والايجابي, وبفعل تلك الخصائص وغيرها من ميزات, ومع تأكيد هذه الدراسات على الدور الكبير الذي بدا يلعبه التلفزيون, تجري اليوم محاولات حثيثة عبر هذه الوسيلة الاتصالية المهمة, لصياغة الفرد المعاصر وعيا وسلوكا, على وفق نموذج معد له سلفا, قد توفره الحاجة إلى دفع السلوك - الذي يمكن أن يعني في احد جوانبه: مجموعة التصرفات أو الأفعال التي تعبر بها الحقيقة عن حقيقتها في إطار ديناميكيتها الوجودية- باتجاه يرغب القائم بالاتصال الوصول إليه, على وفق تخطيط محدد لإتمام عدد من الأهداف, وهو ما يعرف بـ"هندسة السلوك البشري", أي بمثابة إعادة تشكيل الفرد عبر مبدأ: الخطوات الصغيرة المتتالية, وهي المدرسة التي تتفوق بها الولايات المتحدة الأمريكية.
تخطيط الوظائف
وفي التلفزيون.. فان أي تخطيط حديث للوظائف الإستراتيجية التي يتولى انجازها ضمن المراحل المرسومة لها, في الإعلام والتثقيف والترفيه والتعليم وغيرها, والتي يبدو إنها لا تنتهي في إطار زمني محدد, إنما تتجدد وتتطور باستمرار, وفقا لدوافع القائم بالاتصال وأهدافه, وواقع ومتطلبات العمل البرامجي في التلفزيون والتطورات التقنية والإعلامية التي يتعامل معها, في عصر المعلومات والفضاءات المفتوحة, يتطلب دوما تشخيص الاحتياجات والمستلزمات الأساسية التي تساهم في توفير الوقت والجهد والمال في عمليات التنفيذ وجمع المعلومات وتحليلها وتبادلها, بهدف رسم الخريطة البرامجية بما يغطي تلك الأهداف.
ومع تلك الأهمية للتلفزيون, وفي ظل حاجات اجتماعية وإعلامية ونفسية لتوظيف تلك المزايا لخدمة المجتمعات المحلية على وفق ضروراتها الآنية, وجه النقد من قبل باحثين عرب, لما وصف بالتمسك بأشكال التبعية الإعلامية للخارج, وخاصة فيما يتعلق بالتبعية التكنولوجية, على الرغم من التقدم الكبير الذي حققه المشروع الإعلامي في غضون العقيدين الأخيرين, واسندوا نقدهم هذا إلى إن: (( مشاريع إلاعلام والاتصال الكبرى في الدول العربية يتم التخطيط لها وتنفيذها عادة بالتعاون مع المنظمات الدولية, كمشروع القمر الصناعي "عرب سات", ومشروع "شبكة الدول العربية للمعلومات والحرفة", والذي ينفذ بالتعاون مع اليونسكو, والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة)).
ويجري التعاون بصفة دائمة مع الاتحاد الدولي للمواصلات في القضايا المتصلة بتوزيع الموجات الأرضية والطيف الكهرو مغناطيسي, وتحديد مواقع الأقمار الصناعية وتحديد تعريفة الاتصالات الأرضية والفضائية, كما ويجري التعاون مع اليونسكو والبرنامج الإنمائي الدولي في المشروعات الخاصة بتطوير وسائل الإعلام, وفي مجالات التدريب وإقامة وحدات البحوث الإعلامية وتنشيط عمليات التبادل الإعلامي بين الأقطار العربية, ورسم سياسات التبادل الإعلامي بين الدول العربية, ورسم السياسات الإعلامية, ومن هنا تكون أكثر مشاريع الاتصال والإعلام حساسية محكومة بوجهة النظر الأجنبية, وربما لا تعكس بشكل صحيح العديد من احتياجات المجتمعات المحلية أو تحاكي اهتماماتها.
الإعاقة والتلفزيون
عرف المتخصصون المعوق على انه: فرد أصيب بعجز كلي أو جزئي, خلقي أو غير خلقي, وبشكل ثابت في أي من حواسه أو قدراته الجسدية أو النفسية أو العقلية, إلى المدى الذي يحد من إمكانيات تلبية متطلبات حياته الاعتيادية في ظروف بقية أفراد المجتمع المحلي من غير المعاقين.. وتصنف الإعاقة إلى: حركية أو بدنية, كقطع الأطراف أو توقف وظائفها, والإعاقة الحسية المتعلقة بالتكلم والاستماع, والإعاقة الذهنية, وقد تؤثر الإعاقة في الحالة النفسية للفرد المعاق, وفي تطوره وتعلمه, وهناك من يرى إن الإعاقة ليست مرضا, بل تأخرا ملحوظا في النمو, يستدعي توفير مجالات وظروفا خاصة لتحقيق هذا النمو, ومن هنا يكون المعوق: كل من افتقد القدرات الحيوية للمعيشة المستقلة دون إسناد ومساعدة خارجية من أفراد آخرين.
ولان المنظومات الإعلامية تشكل في كل مجتمع كيانا, يكون تنوعه استجابة لتنوع الواقع الموضوعي للمجتمع وتنوع الحاجات الإعلامية, والأهداف المطلوب تحقيقها في المجالات المختلفة, وفي الأوقات والأمكنة والأساليب المختلفة, تأتي الحاجة الماسة لتولي تلك المنظومات لأدوارها الفاعلة في التركيز على شريحة المعاقين, ممن تصل أعدادهم إلى 600 مليون شخص في العالم, تبلغ نسبتهم في الدول النامية فقط قرابة 80% وفقا للإحصائيات الدولية, فيما بلغ عدد المعاقين في العراق نحو مليون معاق, تتطلب أوضاعهم رعاية واهتمام خاصين في قبل الأجهزة المعنية بأوضاعهم, ومنها وسائل الأعلام.
وفي معرض تقيمها للواقع الاتصالي التلفزيوني, أظهرت وثيقة "تنظيم البث والاستقبال الإذاعي والتلفزيوني عبر الفضاء في المنطقة العربية", التي صدرت عن اجتماع وزراء الأعلام العرب الطارئ في القاهرة مؤخرا, لتأسيس ما وصف بـ" منظومة جديدة تضع حدا للفوضى الإعلامية الفضائية" إن عدد الهيئات العربية التي تبث قنوات فضائية على شبكاتها قد بلغ 116 هيئة, منها 24 هيئة حكومية, و 92 هيئة خاصة تمتلكها وتديرها رؤوس أموال عربية , كانت بواقع 79 قناة ذات البرمجة المتنوعة الجامعة, و202 قناة متخصصة في عدد من المجالات, الأمر الذي يظهر لنا التطور اللافت في الاهتمام بالإعلام العربي المتخصص.
وقد بلغ عدد قنوات الأطفال 16 قناة, فيما حصر عدد القنوات الرياضية بـ 26 قناة, والإخبارية بـ 22 قناة, وكذلك 38 قناة للسينما و الدراما و المسلسلات, و 41 قناة للموسيقى والمنوعات, و23 قناة تجارية و اقتصادية وللتسوق, و 14 قناة ثقافية وتعليمية, و12 قناة وثائقية, و6 قنوات دينية, و4 قنوات تفاعلية, فيما لم يسجل وجود أية قناة فضائية تعنى بالمعاقين أو ذوي الاحتياجات الخاصة, ولم يعالج التلفزيون العربي قضاياهم إلا في برامج أو تقارير محدودة.
وعلى الرغم من إن نسبة المعاقين في البلدان العربية بلغت 10% من عدد سكانها, يمكننا القول: انه لم تناقش على نطاق واسع "ثقافة المعاق" بعد, ولم تصدر حتى الكتيبات أو الدوريات الموجهة للمعاقين, وبقي تركيز التلفزيون على قضاياهم واحتياجاتهم سطحيا ومحدودا, كما انه غالبا ما يتم تقديم صورة المعاق بشكل سلبي يعزز النظرة السائدة على انه "إنسان ذو عاهة", في حين إن الإعاقة من بين أكثر الموضوعات الإنسانية حساسية, وهي تتطلب اهتماما ورعاية اكبر بكثير مما توليه وسائل الإعلام, فالأمر يتعلق بتحديد المفاهيم والتعرف على الخصوصيات, والرعاية والتأهيل وتنمية المواهب والملكات, وفك العزلة عن المعاق بتمكينه من دخول الحياة كشريك فاعل وقادر, وليس ككائن عاجز يثير الشفقة في أحسن الأحوال.
لقد مارس التلفزيون على مستوى العالم دورا سلبيا بين شريحة المعاقين, ومعاكسا للمهام المفترض القيام بها إزاء تلك الشريحة الواسعة والمهمة, وقدم "صورة ذهنية" سلبية عنها في مواضع عدة, فيما يقول د. براندون سنتروال المتخصص بدراسة مصادر الأمراض: انه لو لم يخترع جهاز التلفزيون لكان هناك في الولايات المتحدة الأمريكية انخفاض في الإجرام بنسبة 10 آلاف جريمة قتل سنويا, و 70 ألف جريمة اغتصاب, و 700 ألف جريمة عنيفة, وقد توصل إلى هذه النتائج اثر دراسة دامت قرابة 30 عاما, الأمر الذي يظهر مخاوف تبني التلفزيون تلك "الصورة" السلبية عن المعاقين, وما يمكن أن تحمله من مخاطر مستقبلية على مستوى عدم القدرة في إعادة إدماج تلك الشريحة بالمجتمعات, وفي توجيه سلوكها بالشكل الصحيح.
في مقابل ذلك.. ينقل عن بحث أجراه معهد غربي متخصص في الدراسات المعلوماتية عن الصورة التي يقدمها التلفزيون عن المعاقين لعامة المتلقين بأنهم: (( أشخاص خطرون وأشرار وعدائيون وغاضبون ومنحرفون وشاذون وسيئون حتى على أنفسهم... وعاجزون وغير مهرة, ومثيرون للشفقة وعالة, ومهرجون ومضحكون))... مقابل حالات قليلة ظهروا على إنهم ((معجزون وخارقون)).
وعربيا.. وعلى الرغم من أن وثيقة "تنظيم البث والاستقبال الإذاعي والتلفزيوني عبر الفضاء في المنطقة العربية" للعام الماضي, وضعت عددا من القواعد الرامية إلى حماية حق الجمهور وأخلاقيات البرامج... وفضلا عن تأكيدها على عدد من الثوابت التقليدية كالألتزام باحترام حريات التعبير بوصفها ركيزة أساسية للعمل الإعلامي واحترام كرامة الإنسان وخصوصية الأفراد, وغيرها من قواعد, شددت على "مراعاة حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في الحصول على ما يناسبهم من الخدمات الإعلامية والمعلوماتية تعزيزا لاندماجهم في مجتمعاتهم", إلا أن شيئا من هذا القبيل لم يحدث على ارض الواقع.
ويبدو أن الباحث العربي الدكتور حسن السوداني ((سوريا)) لم يذهب بعيدا عن طرحنا في بحثه "صورة المعاق في الدراما العربية" الذي تقدم به قبل أشهر, بأن الفضائيات العربية لم تقدم –هي الأخرى- الصورة المرضية عن شريحة المعاقين في البلدان العربية, مؤكدا في معرض تناوله مشكلة بحثه على محورين:
1- يتحمل التلفزيون مسؤولية الصورة التي يحملها عامة الناس عن المعاقين, فكلما زادت المشاهد والتغطيات التلفزيونية الايجابية والواقعية عن المعاقين, كلما أسهم ذلك في تغيير الصورة النمطية عن هذه الشريحة لدى هؤلاء الناس.
2- يعتقد المعاقون إن من حقهم الطبيعي أن يظهروا على شاشات التلفزيون, مثلهم مثل غيرهم من شرائح المجتمع, وخاصة عندما تظهر تقارير إخبارية عنهم في وسائل الإعلام, فيجب أن تتضمن مثل هذه التقارير أشخاصا منهم يمثلون وجهات نظرهم, بشكل صحيح وسليم, ويظهر احتياجاتهم ومتطلبات إعادة إدماجهم في المجتمعات.
ويخلص إلى أن صورة المعاق التي قدمت للمتلقين عبر الأفلام السينمائية, أظهرته بين التشويه والذي يمكن تلمسه من خلال مواقع التصوير والأزياء والديكور, وتحاول الإساءة للقيم الإنسانية التي يمتلكونها, أو المكافح الذي يحاول أن يجتهد لتقديم أفضل ما يكون دون النظر إلى إعاقته كونها حائلا دون طموحاته وآماله في الحياة, فيما تناولت الفضائيات قضايا المعاقين بطريقة هامشية ولم تعطهم حقهم الطبيعي من الاهتمام.
فضلا عن محاولة استغلال صورة المعاق بطريقة كوميدية في الأغاني والموسيقى وتضمينها العديد من المعاني التي تسئ للمعاق وترسخ بعض الصور النمطية المشوهة عنه, ومن ذلك حين قدمت إحدى القنوات الفضائية العراقية في إحدى البرامج السخرة خلال شهر رمضان رجلا اصطنع الإعاقة بطريقة ساخرة بهدف كسب عطف لجنة تقدم إليها, وقد غادر غرفة الاختبار بشكل طبيعي عقب إخفاقه في الاختبار وعدم تمكنه من "الفوز" بهذا العطف, وبالتالي قدم الإعلام العربي بشكل عام المعاق كشخص هامشي, وما يحسب لبعض القنوات إنها أفردت زاوية في الشاشة لتقديم الأخبار بطريقة الإشارة للصم والبكم, ونعتقد إن في ذلك شئ من الإقرار من قبل القائمين على إدارة منظومات الإعلام العربي, بأهمية شريحة المعاقين وسعتها في جموع المتلقين.
نحو إستراتيجية حذرة
يظهر ما طرحناه في دراستنا من حجم اثر التلفزيون المتعاظم في تشكيل "الصور الذهنية" وتوجيه السلوك, الحاجة الملحة للقائمين على المنظومات الإعلامية العراقية والقائمين في الاتصال فيها لتبني استراتيجيات إعلامية فاعلة, تنهض بوظائف الإعلام في الإخبار والتعليم والإرشاد والتدريب والترفيه بين شريحة المعاقين تحاول "نقض" الصورة السلبية المتكونة عن الشخص المعاق, وتراعي عدم الوقوع في الخطأ من خلال تكريس شعور المعاق بالانعزال, بل اعتماد أساليب إعادة الثقة بذات المعاق, وتزيد من مجالات إعادة إدماجه بالمجتمعات, على وفق تخطيط يوافق الواقع الموضوعي للمجتمع العراقي الذي اجتمعت فيه عوامل متعددة نجم عنها زيادة كبيرة في إعداد هذه الشريحة المهمة, وتنوع حاجاتها الإعلامية, والأهداف المطلوب تحقيقها معها, في المجالات المختلفة وعبر أساليب متنوعة, وبهدف رسم الخريطة البرامجية للقنوات الفضائية, بما يغطي تلك الأهداف.
إن تأكيد وثيقة "تنظيم البث والاستقبال الإذاعي والتلفزيوني عبر الفضاء في المنطقة العربية" لعام 2008, على "مراعاة حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في الحصول على ما يناسبهم من الخدمات الإعلامية والمعلوماتية تعزيزا لاندماجهم في مجتمعاتهم", يجب أن يشكل دافعا للمنظومات الإعلامية العربية لخلق أجواء من التعاون الإعلامي العربي للنهوض بشريحة المعاقين التي بلغت قرابة 10% من عدد سكان البلدان العربية, وتفعيل التبادل البرامجي في هذا المجال.
أما على المستوى المحلي, فان إستراتيجية إعلامية تراعي احتياجات شريحة المعاقين في العراق, يمكنها أن تبدأ من خلال تأسيس قناة فضائية خاصة بالمعاقين, تستثمر مزايا التلفزيون لتحقيق أهداف إعادة إدماج تلك الشريحة في المجتمعات, والإفادة من خبراتهم ومهاراتهم المختلفة وتتصدى لبقية الأهداف, شرط أن لا تكون تلك الفضائية نوعا إضافيا من العزل المرئي للمعاقين, وتقف بالتالي بالضد من فكرة إعادة الإدماج.
وقد لا نختلف مع باحثين في عدد من الدول العربية ممن دعوا إلى "انتباهة إعلامية فورية وكبيرة للمعاقين", بان تكون المضامين التي تحملها فضائيتنا المقترحة شاملا "لجمهور المعاقين", وغيرهم من مرافقيهم والمتعاملين معهم وعامة المتلقين, مع الأخذ بالاعتبار الواقع الصحي والنفسي للمعاق, وعدم التجريح بهم بشكل غير متعمد أو مقصود, وتقدمه على انه إنسان فاعل في مجتمعه, لا كونه "عالة اجتماعية", وان إعاقته لن تقف حائلا أمام دوره كفرد منتج في المجتمع, وندعو القائمين بالاتصال في فضائياتنا المحلية إلى التعرض لقضية احتياجات ودور المعاقين بشكل فاعل في خططهم البرامجية الاعتيادية وإيقاف بث ما يمكن أن يسئ لتلك الشريحة أو يساهم في تكوين "صورة ذهنية" سلبية عنهم.
المصادر
- أديب خضور, الإعلام العربي على أبواب القرن الحادي والعشرين, سلسلة المكتبة الإعلامية, دمشق, ط2, 2008.
- تهامة الجندي, الإعلام العربي قلق الهوية وحوار الثقافات, دار نينوى للدراسات والنشر, سوريا, 2005.
- حميدة سميسم, نظرية الرأي العام, دار الشؤون الثقافية, وزارة الثقافة, بغداد, 1992
- صفد حسام حمودي, مصادر الأخبار في الصحافة العراقية, رسالة ماجستير غير منشورة, كلية الإعلام , جامعة بغداد, 2002.
- عبد الرزاق نعاس, تلفزيون العراق وإشكالية البرامج الطارئة, بحث منشور في مجلة الباحث الإعلامي, كلية الإعلام, جامعة بغداد, العدد 1, 2005.
- مظفر مندوب, التخطيط التلفزيوني وسبل التعامل مع التطورات الفضائية, بحث منشور في مجلة الباحث الإعلامي, كلية الإعلام, جامعة بغداد, العدد 1, 2005.
- محي الدين خير الله, اثر الإعلام المعاصر في العقيدة والتربية والسلوك, دار النهضة للطباعة والنشر والتوزيع, سوريا, دمشق, 2008.
- وثيقة "تنظيم البث والاستقبال الإذاعي والتلفزيوني عبر الفضاء في المنطقة العربية", التي صدرت عن اجتماع وزراء الأعلام العرب الطارئ في القاهرة في 2008.