مرصد الحريات الصحفية

مرصد الحريات الصحفية

الصفحة الرئيسية > الأخبار والتقارير > حكايتي مع المارينز...

حكايتي مع المارينز مراسل الشرق الاوسط يروي تجربة

مراسل الشرق الاوسط يروي تجربة زيارته لحقول النفط في البصرة

وحدهم الصحافيون هم من يبحثون عن المتاعب أينما حلت، وسواء كانت هذه المتاعب محفوفة بالمخاطر أم لا، فلن يفرق كثيرا مع معشر الإعلاميين الذين ربما كلما زادت المخاطر التي يتعرضون لها زادت رغبتهم في الذهاب إلى مكامن الخطر.


منذ البداية ومنذ أخبرت أسرتي الصغيرة بزيارتي للعراق في رحلة عمل، وبالتحديد في حقول النفط الجنوبية وزيارة ميناء البصرة، ارتفعت الآهات وزادت الأنات وبدأ الاستغراب يلف الجميع، لم أحفل كثيرا فهذا أمر متوقع، خاصة أن المعترضين لا يعلمون ما تمثله هذه الرحلة من كنز ثمين في حقل الاعلام.


التعليمات قبيل الرحلة، التي تتكون من إعلامي واحد هو أنا وتهدف لزيارة قوات التحالف التي تقوم بمهام حماية آبار النفط العراقية من أي هجمات ارهابية، كانت واضحة وصارمة، سواء في التصوير ومن هم الأشخاص الذين نصورهم أو لا نصورهم، ومن هم الاشخاص الذين نتحدث معهم، أو لا نتحدث معهم، أو في ما يمكن إحضاره أو حتى في ما يلبس، ولعل الطريف أن التعليمات تمنع ارتداء الثوب والغترة في هذه الرحلة، ولا أعلم من سيرتدي أصلا الزي الوطني في مهمة عسكرية. وبالرغم من أن الداعين لهذه الزيارة، وهم قوات التحالف، لم يبدو أي توجهات معينة حول ما يمكن أو لا يمكن كتابته، إلا أنهم تحدثوا بصراحة من أن بعض العراقيين قد يرفضون الحديث للصحافة، ومن يتحدث «يجب عدم ذكر اسمه صراحة خوفا عليه من قبل الإرهابيين»، أمر آخر كان واضحا من قبل مسؤولي قوات التحالف أيضا في عدم تصوير العسكريين العراقيين بتاتا.


وبالفعل في الوقت الذي كان الضباط الأميركيون والبريطانيون والاستراليون متجاوبين مع كل ما طرحته من اسئلة، إلا أن العراقيين بالمقابل كانوا يتحدثون بصعوبة بالغة، ومع أن قيادة قوات التحالف كانت قد نسقت لزيارتي، إلا أني فوجئت عند زيارة زورق خفر السياحل العراقي، قيامهم بالاتصال بقيادتهم التي رفضت أي تصريح للصحافة، إلا أنهم لم يمانعوا من التقاط الصور بكافة أنواعها. وللأمانة فقد كان تخوفي من محاولة المرافقين توجيهي للكتابة بطريقة معينة، إلا أني لم أواجه أي تدخل في عملي بالرغم من أي من المرافقين الأربعة.


بدأت الرحلة عبر طائرة عامودية من قاعدة عبد الله السالم في الكويت، وبعد حوالي أربعين دقيقة طيران فوق مياه الخليج العربي هبطنا على الفرقاطة الأميركية ومنذ الوهلة الأولى بدا أن ما سيعيش به مراسل «الشرق الأوسط » هو حياة عسكرية بكافة تفاصيلها، ولأنها المرة الأولى التي استقل فيها فرقاطة عسكرية، فكان الاعجاب يلف جولتي داخل الفرقاطة، باعتباري لم أعلم ما سينتظرني وقت النوم! والذي بصدق كان أصعب ما واجهته خلال رحلتي (العسكرية) هذه، فعندما أخبرتني دينيس غارسيا مسؤولة العمليات الإعلامية في قوات التحالف عن المكان الذي سأقضي ليلتي الأولى فيه، مضيت إليه قاطعا مسارات الفرقاطة صاعدا ونازلا من سلالم بزاوية 90 درجة واقل واكثر، حتى وصلت الى غرفة النوم المنتظرة، والتي كانت عبارة عن عنبر كبير يضم عشرات الجنود ينامون في اسرة متقابلة، ويحتوي الواحد منها على ثلاثة فوق بعضها، لا يزيد عرض السرير عن 40 سم فيما ارتفاعه لا يزيد على 30 سم، أي أن المكان باختصار هو عبارة عن علبة مستطيلة يفترض أنه سرير.


ومنذ الصباح الباكر، لليلة لم أذق طعم النوم فيها، بدأت جولتي في ميناء البصرة وبعض من السفن البحرية التابعة لقوات التحالف، وكانت وسيلة الانتقال هي الزوارق المطاطية، التي كنا ننزل ونصعد منها عبر السلالم المصنوعة من الحبال، ومع أن الشمس كانت في أوج حرارتها خلال هذه التنقلات، إلا أن الجولة أشعرتني شيئا فشيئا أنني أصبحت أحد جنود المارينز (الأمر بالطبع لم يكن باختياري) عبر برنامجي اليومي المشابه لهم، من مكان النوم إلى نوعية الطعام إلى غير ذلك، ولعل اللافت هنا أن المرافقين معي كانوا يتعاملون وكأنني زميل لهم في السلك العسكري!!، دون أي اعتبار لاي مصاعب قد تواجهني أخجل أن أعترض عليها في حينه.


وهنا أذكر أن القائد العسكري لميناء البصرة، وهو ضابط من قوات التحالف، قد سألني خلال الجولة عن ما إذا كان لدي خوف من الاماكن المرتفعة، فأجبت بالنفي، وكنت أظن أن المسألة ستقتصر على النظر من أعلى، فإذا به يطلب مني أن أتبعه في الصعود إلى أعلى برج تتم منه مراقبة المنطقة المحيطة بالميناء، البرج يتم الصعود إليه عبر سلالم حديدية طولية جانبية، علما أن هذا السلم معلق على الجدار دون أن يكون هناك أي شيء تحته ما عدا أنابيب ضخمة على بعد عشرات الأمتار، وعلى قدر مفاجأتي بالموقف والارتفاع الشاهق الذي ينبغي عليّ أن أتعلق بالسماء للوصول إلى أعلى البرج، بقدر ما سارعت، خجلا وليس شجاعة، بالصعود عبر السلالم المخيفة، خاصة أن دينيس قد صعدت السلم بسرعة رهيبة، وهنا يجدر بي أن أذكر أن الأصل العربي ظهر حينها فكيف لهذه السيدة تصعد وأتراجع أنا؟! حتى الآن القصة لم تنته فأنا وخلال شرح الضابط لي أعلى البرج، كنت أفكر بأمر واحد فقط، كيف سأتمكن من النزول، باعتبار أني أعلم أن النزول أصعب كثيرا من الصعود، والطريف أني كنت أتظاهر بكتابة ما يقوله الضابط، والحقيقة أني لم أكن أكتب شيئاً فتفكيري منصب على حياتي المهددة أثناء النزول، أيضا المنقذ هنا كانت الضابطة دينيس التي نزلت قبلي فتحرك «العرق» العربي من جديد، وساعدني على النزول دون أن افقد حياتي في ذلك الموقف العصيب!! جملة الرحلة التي استغرقت يومين في عرض البحر وقريبا من البر، تشير إلى أنه كلما زادت كمية الخطر التي تعتري الصحافي، كلما زاد ذلك من إثراء تجربته المهنية والمعرفية، فخلال هذين اليومين انقلبت حياتي كأحد جنود البحرية، وتمكنت من التأقلم مع هذه الحياة الجديدة سريعا، فعندما غادرت بي الطائرة العامودية أرض الفرقاطة في طريق العودة إلى الكويت، تمنيت أن تستمر الرحلة يوما أو يومين إضافيين، مع شرط البحث لي عن مكان آخر للنوم غير تلك العلبة المسماة مجازا بالسرير.


* مسؤول تحرير «الشرق الأوسط» في الامارات العربية المتحدة

 

 

 

  • لجنة حماية الصحفيين تطالب سلطات العراق بضمان حماية الطائي وضمد

  • انتهاكات ضد مجموعة صحفيين غطوا تظاهرة ضد الفساد في حلبجة

  • البصرة: اعتداء على إعلامي واجباره على توقيع تعهد بعد توثيقه حالة قمع (فيديو)

  • كردستان: اعتقال الصحفيين لن يخفي الأحداث ويقود لنتائج عكسية

  • قوة أمنية تعتدي على كادر الرابعة في البصرة بتحطيم المعدات والضرب والاحتجاز

  • وزير الداخلية يقاضي الإعلامي حيدر الحمداني بتهمة القذف والتشهير

  • قانون جرائم المعلوماتية: مُفصّل على مقاس السلطة.. ومخيّب لتطلعات الصحفيين

  • تعرض المراسل فاضل البطاط الى اعتداء على يد أمن فندق غراند ميلينيوم البصرة