العلاقة بين الاعلام ومؤسسات الدولة والمجتمع المدني علاقة احترام متبادل في الأنظمة الديمقراطية، تقوم على الشفافية والمصارحة، وكشف الحقائق وتأشير السلبيات من قبل وسائل الاعلام لإنجاح عمل اجهزة الحكومة والسلطتين التشريعية والقضائية وعمل الاحزاب ومؤسسات المجتمع المدني.
كما ان وسائل الاعلام تنقل مطالب وطموحات المواطنين ومواقفهم من مسيرة العمل الحكومي والسياسي والبرلماني بغية العمل على تحقيقها..
في العالم الثالث العلاقة تختلف، ففي افضل الانظمة ”الديمقراطية“ غالباً ما يوجد اعلام حكومي، يكون عمله محصوراً في تبييض صورة الحكومة، مهما إسود عملها، في حين تبدو العلاقة متوترة بين الاعلام الحر والمعارض من جهة والحكومة من جهة اخرى، ولطالما حاربت الحكومات هذا الاعلام ورجالاته بما أوتيت من قوة القانون والسلطة واساليب البطش الذي يصل الى الاعتقال والسجن والتشريد وغلق الصحف دون وجه حق.
اما في العراق الجديد فأن الحرية التي وفرها بول بريمر للاعلام هي الحسنة الوحيدة التي تسجل له، لكن هذه الحرية اخذ يضيق بها بعض المسؤولين واجهزة الحكومة، فوضعت في طريقها العراقيل وانعدمت الشفافية والاحترام في التعامل.. مثل هذا يحدث في العالم الثالث ”الديمقراطي “، لكن ما لا يحدث ان العلاقة بين ممثلي الشعب في البرلمان والاعلام تبقى علاقة وطيدة، فالمفروض ان الاثنين يعملان على خدمة المجتمع، وبالتالي فعملهما يصب في قناة واحدة، فتبقى علاقة الاحترام المتبادل والود قائمتين بين الاعلام والسلطة التشريعية.
بعض البرلمانيين العراقيين واجهوا الاعلام بشدة، بأساليب غير حضارية وتصريحات وتهديدات لا تنم عن شعور بالمسؤولية!! ولم تتوقف الحالة عند هذا الحد فقد استولى مجلس النواب على كل ما يخص وسائل الاعلام في قصر المؤتمرات كالمركز الصحفي المشترك او مركز الصحافة الدولية- المخصص لعمل الصحافة المحلية، ومنع المراسلون من الدخول اليه، وكانت هناك قاعة في هذا المركز عبارة عن كافتيريا في قصر المؤتمرات زمن نظام صدام، تدعى بالكافتيريا الرئاسية خصصتها السفارة الاميركية لوسائل الاعلام العربية والدولية، واهدت الوكالة الاميركية للتنمية الدولية- المركز الصحفي المشترك- بما فيه من اجهزة وحاسبات الكترونية ومنظومة اتصالات واثاث الى الحكومة العراقية في شهر آب 2005 بهدف دعم الاعلام ليتمكن المراسلون من الاداء الاسرع لقد منع مجلس النواب الاعلاميين من الدخول الى المركز تحت ذريعة تدريب بعض النواب والنائبات للعمل على الحاسبات في حين ان الوكالة الاميركية اهدت الاجهزة والمكان للصحافة العراقية.. وهكذا لم يجد غير المركز الاعلامي للاستيلاء عليه.
وفي هذا الصدد يفاجئنا ان نقابة الصحفيين- الممثل الشرعي للصحفيين والاعلاميين في العراق لم تحرك ساكناً، حتى الآن، والواجب يتطلب منها التحرك الواسع والمتعدد الجوانب ”سياسياً، برلمانياً، وقضائياً “ لاعادة المركز الصحفي المشترك للاعلاميين. وهي دعوة لكل وسائل الاعلام للتحرك وفضح هذا الاستيلاء والمصادرة غير القانونية والمجحفة بحق الأعلام العراقي واعادة الحق لنصابه.