حسين علي داود
تعتبر التغطية الاعلامية في مناطق النزاعات والصراعات المسلحة من اخطر واهم التغطيات، اذ تضع الصحافي امام تحديات مهنية وامنية كبيرة، تتعلق بعضها بصعوبة الحصول على المعلومات وتناقضها، وحرية التغطية، وافتقاره لوسائل حماية نفسه اثناء تغطية هذه الصراعات.
وعلى الرغم من هذه التحديات وما تحتاجه من متطلبات استثنائية للقائمين على هذه المهمة من الصحافيين، إلا إن وسائل الاعلام العراقية المحلية تتخلى عن دورها في منح الصحافي تدريبا وتجهيزات لهذه المهمة، وتضعه امام جهوده الذاتية في التكيف مع نقل اخبار المعارك والنزاعات بين الاطراف المتحاربة.
وعلى العكس من ذلك فان العاملين في وسائل الاعلام الاجنبية يحصلون على كافة المستلزمات والتجهيزات المتلعقة بحماية الصحافي، وحتى على مستوى التنسيق مع المسؤولين واصحاب الشان في مناطق النزاع وضمان ايصاله إلى تلك المناطق واعادته.
ومن ابرز التحديات واهمها صعوبة الحصول على المعلومة الدقيقة، فالصحافي الذي يغطي اخبار النزاع ويتواجد في مناطقها غالبا ما يكون مرافقا لاحد طرفي الصراع الذي يسعى لإعطاء الصحافي اخبار انتصاراته وقد تكون كاذبة، ويخفي وقائع خسارته.
ويقول منير جاسم وهو صحافي من بغداد شارك في التغطية الاعلامية للعديد من المعارك ومناطق النزاع في البلاد إن "معاناة الصحافي المحلي متعددة وابرزها صعوبة الحصول على المعلومة الاكيدة رغم تواجدنا في ارض الحدث ومنطقة النزاع، كما إن القادة الميدانيون يمتنعون عن التصريحات ويكتفون بنقل احداث بسيطة تشكل جزء صغير من حبكة الصراع".
وتواجد الصحافي مع احد طرفي النزاع يجعله تحت ضغط كبير اثناء كتابة التقارير والاخبار وارسالها إلى غرف التحرير في مؤسسته الاعلامية، لان هذه الاطراف تنتظر وتتابع ما سيكتبه الصحافي عنها، وفي بعض الاحيان اذا لم تعجبها التغطية تمتنع عن اصطحاب هذا الصحافي او ذاك مجددا إلى ميدان المعركة.
اما عن المتطلبات الأمنية الغائبة للصحافي اثناء تغطيته للنزاعات فان غالبية المؤسسات الاعلامية المحلية لا تجهز مستلزمات الامان والسلامة من الدروع والخوذ، كما يقول منير، مضيفا إن هذه المؤسسات لا تزج صحافييها في ورش تدريبية حول كيفية التغطية الاعلامية في مناطق النزاع، وغالبا ما نقوم نحن بشكل شخصي في توفير هذه المتطلبات.
وتشهد ورش العمل الخاصة بهذا الموضوع والتي تنظمها جهات معنية بالصحافة، اقبالا واسعا من قبل الصحافيين المحليين خصوصا مع توسع المعارك في البلاد بين القوات الأمنية وتنظيم "داعش" وفقدات العديد من الزملاء اثناء هذه المعارك بسبب اخطاء شخصية او عدم خبرة القوات الأمنية نفسها في حماية مرافقيها من الصحافيين والاعلاميين، كما إن بعض المؤسسات الاعلامية تخلت عن المصابين والقتلى من صحافييهم.
ويبدي عباس الخفاجي وهو صحافي من كربلاء استياءه من حصول تفرقة في التعامل بين الصحافيين المحليين والاجانب، ويقول إن الصحافي الاجنبي يتلقى عناية افضل من ناحية الحماية وحتى الحصول على المعلومة حيث يفضل القادة الامنيين تزويد هؤلاء بالمعلومات، بينما يتركون الصحافي المحلي من دون تصريحات وكأننا درجة ثانية.
والمشكلة تعود ايضا الى وسائل الاعلام المحلية نفسها كما يقول عباس، مشيرا الى إن مرافقتنا لزملائنا العالمين في وسائل الاعلام المحلية كشفت إن مؤسساتهم الاعلامية توفر اقصى درجات الحماية والامن للصحافي، اضافة الى توفير مصادر المعلومات والتصريحات، وتمنحه تجهيزات ممتازة من الكاميرات والحواسيب المحمولة وعدد من الهواتف النقالة المجهزة بتقنية تحديد المكان لضمان عدم قطع الاتصال معه ومعرفة مكانه في حال فقدانه.
وكشف التقرير الاخير الصادر عن "مرصد الحريات الصحفية" عن مقتل واصابة 34 مراسلا وصحفيا عراقيا واجنبيا واختطف اكثر من 27 اخرين في الفترة المحصورة ما بين 3 ايار (مايو) 2014 الى 3 ايار (مايو) 2015 بعد سيطرة تنظيم داعش على مساحات شاسعة من البلاد، حيث كانت مكانات نشطة للصحافيين المحليون والأجانب جعلت من الصحافي نفسه خبرا بحد ذاته.
ولا تعتبر مشاكل التغطية الاعلامية في مناطق النزاع حدثا مرتبطا بالعراق لوحده بل اصبح شانا خاصا في الشرق الاوسط خصوصا في سورية واليمن وبلدان اخرى في شمال افريقيا مثل ليبيا، وكان هذا الموضوع محل اهتمام بارز خلال فعاليات الدورة الرباعة عشرة لمنتدى الاعلام العربي الذي عقد منتصف الشهر الماضي.
وفي فعاليات اليوم الثاني للمنتدى الإعلام العربي، عقدت وكالة "أسوشيتد برس" العالمية للأنباء ورشة عمل تحت عنوان "التغطية الصحافية في منطقة الشرق الأوسط، والتي ألقت الضوء على أبرز التحديات التي تواجه الإعلاميين في تغطية أخبار المناطق الساخنة في العالم العربي والأساليب التي يلجأ إليها الإعلاميون للوصول إلى الأخبار ومن ثم نقلها إلى المتلقين".
وناقشت ورشة العمل الصعوبة التي تواجهها وكالات الأنباء ووسائل الإعلام في التحقق من المعلومات والأخبار الواردة من تلك المناطق والتأكد من صدقيتها، وذلك بسبب صعوبة الوصول إلى مصادرها، حيث يأتي أغلبها مما يتم تناقله عبر منصات التواصل الاجتماعي، والتي تحمل بدورها قدرا كبيرا من التشكك في مدى صحتها.
المصدر "بيت الاعلام العراقي"