بغداد – مرصد الحريات الصحفية
بعد ثمانية أعوام على إقرار 2 نوفمبر/تشرين الثاني يوماً عالمياً لعدم الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين، ما زالت هذه القضية من أكثر القضايا إلحاحاً لضمان حرية التعبير، فيما يُفلت قتلة الصحفيين من العقاب في 9 من أصل كل 10 حالات، وفقاً لمرصد اليونسكو للصحفيين في عام 2020.
وفي هذه المناسبة، يبدي مرصد الحريات الصحفية من قلقه العميق، من بقاء الجرائم التي ترتكب بحق الصحفيين والمهنيين في وسائل الإعلام العراقية ومعاونيهم، من دون ملاحقة قضائية وتحقيقية.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت القرار رقم 68 / 163 لعام 2013 الذي أعلنت فيه أن يوم 2 نوفمبر هو اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم ضد الصحفيين، لرفع مستوي الوعي بشأن التحدي المتمثل في الإفلات من العقاب واتخاذ خطوات عملية ضده.
وما يزال العراق يتصدر مشهد مؤشرات قائمة الإفلات من العقاب التي تصدرها لجنة حماية الصحفيين، حيث احتل العراق المركز الثالث بعد الصومال وجنوب السودان، من حيث أفلات قتلة الصحفيين من العقاب، بحسب اخر تقرير للجمعية عام 2021.
التقرير السنوي للجنة حماية الصحفيين (مقرها نيويورك)، كشف ان مجموع (278) عملية أغتيال للصحفيين، فأن (226) من هذه العمليات، أفلت فيها القتلة من العقاب.
ولم تبد السلطات العراقية، على مدار العقد الماضي، الاهتمام المناسب لملاحقة المتهمين بجرائم القتل المتعمد للمراسلين والكتاب والنشطاء الصحفيين، التي لم يُكشف عن مرتكبيها الى الآن. على الرغم من فتح العديد من التحقيقات ووجود أدلة دامغة لإدانة جهات بعينها، لكن من دون اتخاذ اي إجراءات تذكر، اذ قُيدت اغلب جرائم القتل المباشر للصحفيين ضد مجهول.
ووفقا لتحليلات مرصد الحريات الصحفية (JFO)، فإن غالبية جرائم الاستهداف المباشرة للصحفيين والفرق الإعلامية جاءت بسبب طبيعة التغطيات الصحفية ونقل أنباء عن ملفات فساد ضد جهات حكومية نافذة وانتقادات لمجاميع مسلحة مختلفة.
تظهر المعطيات والدلائل المتوفرة أن أغلب الصحفيين الذين استهدفوا في مناطق العراق تعرضوا للاختطاف والتعذيب قبل مقتلهم.
وكان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد اتخذ قرارات إضافية لحماية الصحفيين في مناطق النزاعات المسلحة، حيث أقر المجلس في 27 مايو/أيار من العام الجاري، بالإجماع القرار رقم 2222 الذي يدعو الدول الى أن تقوم بإجراءات إضافية لحماية الصحفيين في أوضاع النزاعات المسلحة وذلك لضمان ملاحقة ومحاسبة من يرتكب الجرائم بحق الصحفيين .
وما يزال العراق على مدار أكثر من 19 عاماً، يتصدر مؤشرات الإفلات من العقاب، وتشير الإحصاءات التي أجراها مرصد الحريات الصحفية منذ العام 2003، الى مقتل 475 صحفياً عراقياً من العاملين في المجال الإعلامي.
كما يلف الغموض العديد من الاعتداءات التي تعرض لها صحفيون وفنيون لم يأت استهدافهم بسبب عملهم، ولم يكشف القضاء ولا الجهات المعنية عن مرتكبي الجرائم التي يتجاوز تصنيفها بكثير أي بلد آخر في العالم.
وفي هذه المناسبة يعلن مرصد الحريات الصحفية (JFO) عن قلقه البالغ من الإجراءات الأمنية والتحقيقية التي تتخذها السلطات الاتحادية في بغداد والسلطات المحلية في إقليم كردستان بهذا الخصوص، حيث أن الحكومة الفدرالية العراقية لم تتخذ أي خطوات جدية لملاحقة المتهمين بقضايا ارتكاب الجرائم في بغداد وباقي محافظات البلاد، فيما تبدي المنظمتان مخاوفهما من التقاعس الواضح لدى سلطات الإقليم حيال محاكمة المتهمين بجرائم قتل الصحفيين في مناطق إقليم كردستان.
ووفقا للابحاث التي أجراها مرصد الحريات الصحفية (JFO)، فإن حقائق واضحة تبين تقاعساً واضحاً من قبل السلطات الأمنية والتحقيقية من ملاحقة وتقديم المتهمين بتلك الجرائم للقضاء.
وتستند تلك الحقائق والإدلة على مجموعة جرائم استهدفت صحفيين بشكل مباشر في مناطق عديدة من العراق، إلا اننا نركز هنا على المناطق التي تتمتع بأمن نسبي واستقرار سياسي مثل إقليم كردستان، فسلطات الإقليم لم تتحقق بشكل جدي في عدد من قضايا قتل الصحفيين، فيما لم تكن وعود السلطات الأمنية الكردية بملاحقة الجناة مقنعة لا لأسر الضحايا ولا للمنظمات المدافعة عن الصحفيين.
مرصد الحريات الصحفية (JFO)، قد شخص وجود تقصير واضح وتقاعس في ملاحقة مرتكبي جرائم استهداف الصحفيين من قبل الجماعات المسلحة أو العصابات الإرهابية، بل حتى الجهات السياسية النافذة في البلاد، من قبل السلطات الحكومية المركزية في بغداد والسلطات في إقليم كردستان.
ويطالب المرصد بإحالة ملف جرائم استهداف الصحفيين في العراق إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها جرائم حرب، في حال استمرت السلطات العراقية بالاخفاق في هذا الشأن، لوضع حدٍ لحالة الإفلات من العقاب بحق من يرتكب تلك الجرائم.