مضى على اعتقال المصور الصحفي بلال حسين، عام و ثمانية اشهر، دون ان يعلم هو او نحن لماذا قضى هذه المدة في معتقل (كروبر)، بلال مصور محترف فاز بجائزة )بوليتزر) الدولية للتصوير و يعمل مع وكالة الاسشوتيد برس الامريكية، اعتقل عندما وجد الجيش الامريكي في كاميرته بعض الصور وبينها واحدة لمتمردين مشتبكين مع القوات الامريكية، ربما لم يكون الجيش يرغب بنشرها، خاصة وانها ستصل سريعا للولايات المتحدة من خلال الوكالة التي يعمل بها بلال.
وهنا لا اريد ان ابتعد عن ما قاله الرئيس والمدير التنفيذي لوكالة أسوشيتد برس ان بلال شارك في كل مشقات العراقيين في مناطق النزاع، وهي مشقات اسوأ ماتكون بالنسبة للصحفيين، الذين تتطلب مهنتهم أن يكونوا أكثر قربا من أماكن تستخدم فيها البنادق والقنابل. وقد تعرض بيته الى الضرب بالنيران، وهربت عائلته، واضطر لمرة واحدة على الأقل ان يتخلص من معدات التصوير لينجو من الموت. وهو يواجه ما يمكن أن يكون فعليا اعظم خطر موجود في العراق الآن. وفي غضون ذلك فان وكلاء الدولة الأعظم في العالم وصفوه باعتباره عدوا، زاعمين ان لديهم دليلا يقنعهم ولا حاجة بهم الى اثبات ذلك الى أي شخص آخر.
و اكيد ان حالة بلال تمثل التناقض الكبير الذي تعيش فيه السياسة الامريكية، و الدليل على ذلك، اذكر خطاب السفير الامريكي السابق في العراق زلماي خليل زاد،الذي القاه قبل ان يعتقل بلال بايام، و قال امام الصحفيين في بغداد " فليتذكر جميعنا المراسلين الشجعان الذين خاطروا بحياتهم دفاعا عن حرية التعبير هنا. لقد هدد وجرح واختطف وحتى قتل الصحفيون من اجل عملهم، وحرم عدد منهم من المعاملة العادلة حسب القانون. انا آسف لحدوث ضحايا ضمن افراد السلك الصحفي عند تغطيتهم لمعارك التحالف ضد المتمردين " حتى انه قال نهاية خطابه "وفي النهاية، ستنتصر روايتهم ".
و في نفس الوقت كان بلال قد اعتقل في مدينة الرمادي بسبب عمله الصحفي، دون توجيه اية تهم محددة له. و حسب رائ ان هذه الحالة تمثل رفض الاطراف المتنازعة في العراق للحقائق و تحاول دائماً تكذيب اونفي الأخبار و الحقائق التي لا تريدها، و تمثل كذلك تناقض امريكا الكبير بين خطاب سفيرها و تصرفات جيشها.
ووفقاً للمحامي بول غارديف المكلف بالدفاع عن الزميل بلال " ان بقاء بلال في السجن جاء بناء على قرارات أصدرتها هيئة محلفين معنية بمراجعة القضية في إطار جلسات لم يحضرها لا هو ولا محاميه".
واذ اشير هنا الى ان الجيش الامريكي لم يلتزم بما ابرمه من اتفاقات مع لجنة حماية الصحفيين (CPJ) ووزارة الدفاع الامريكية ( البنتاجون ) والتي نصت على تعهد الجيش الأمريكي بتعجيل النظر بقضايا الصحفيين المحتجزين واطلاق سراحهم خلال (36)ساعة فقط من تاريخ احتجازهم. وهذا كذلك دليل واضح على ان امريكا لا تحترم الكثير من اتفاقياتها.
وان ابقت القوات الامريكية بلال في المعتقل، علينا ان نمارس ضغوطنا على الحكومة العراقية الى تحمل مسؤولياتها تجاه الصحفيين العراقيين، وان تطلب من القوات الامريكية الاطلاع على ملف القضية وان تحيلها الى السلطات القضائية والمحاكم العراقية المستقله، للتخذ بدورها مهمة النظر في الاجراءات القانونية اللازمة، لتسريع اطلاق سراحه وذلك وفقا للدستور العراقي. واذا ماعلمنا ان الزميل بلال حسين لاتوجد اية دلائل قاطعة تثبت تورطه في اية جرائم تذكر، وكان قد اعتقل اثناء ممارسته لعمله الصحفي، بشكل رسمي مع وكالة الصحافة الامريكية أسوشييتد برس، واذا كان بلال قد ارتكب جناية، فان المحاكم العراقية مستعدة لمحاكمته.
و ان اصر الجانب الامريكي ابقاء بلال في معتقله لمنعه من التقاط صور لمحافظة الأنبار التى كانت منطقة ساخنة وتزعج مشاهدها قادة الجيش الامريكي ولا يفضلوا ان يروا صور الدمار الذي يعمها، فلا ننسى ان هذه المحافظة باتت الان امنة، و كل ما سيصوره بلال اذا خرج سيكون مرضى للجانب الامريكي بعد ان اصبح اهالي المحافظة اصدقائهم.
و رغم قلقي على بلال لكني في نفس الوقت مطمأن عليه، لان الاسوشيتد برس قالت ان المؤسسة التي سلمت بلال الكاميرا، التي أدت الى وضع بلال حيث هو اليوم، لا يمكن أن تدير ظهرها له وتتخلى عنه، و أنا كذلك اقول ان المنظمات المهنية في العراق سوف لن تنسى بلال و ستعمل المستحيل لاطلاق سراحه.
زياد العجيلي مدير مرصد الحريات الصحفية