كاننغهام عضو الكونغرس الاميركي عن ولاية كاليفورنيا كان بطل حرب حتى عام 2006 حين كشف تقرير للصحفي جيري كامير ان هذا الكاننغهام تسلم هدايا ضخمة من تجارة عقود لوزارة الدفاع بملايين الدولارات ما جعله يستقيل و يحكم عليه بالسجن ثماني سنوات، تقرير كامير عن الفضيحه رشحه الى تسلم جائزة الدولة لأبرز تحقيق استقصائي و جائزة جيرارد لويب عن المال و الاقتصاد و جائزة نادي الصحافه في اريزونا و جوائز اخرى على اثر ذلك لتقارير عن قضايا فساد حقق فيها.
اسوق هذا المثال لان العديد من زملاء المهنة شكى و يشكو من ضآلة او انعدام المعلومة التي يرومون الحصول عليها و التي تسند عملهم و نشاطهم في مواجهة مسؤول في حقيقة ما.. اصر احد الصحفيين على المضي في تحقيقه الصحفي للوصول الى حقيقة رشوة اذ قطع شوطا طويلا في كتابته التحقيق و اراد ان يضمنه تصريحا يوازن به ما كتب و اذا به يصطدم بحاجز اصلب من الكونكريت و هو التزام المتحدث (الشاهد) الصمت ازاء سؤال صاحبنا عن القضية و عذره انه ملتزم بلائحة حزبه التي تحرم عليه ذكر الحقيقة حيث يعد هذه الحقيقة تشهيرا (برفيقه) داخل الحزب و امام المنافسين من الكتل الاخرى !! حالة اخرى مر بها زميل اخر و هي معلومات مضللة و منافية للحقيقة سردها مسؤول عن مسؤول اخر للايقاع به و ظهر من خلال البحث و التدقيق ان الاول حفر للثاني بئرا و للاسف لم يقع فيها. تسائل جمع من الصحفيين الذين عرفوا بالحالتين عن الولاء هل هو للوطن ام للحزب عند تسلم الشخص المسؤولية في مؤسسات الدولة و ماذا ضخ الحزب من مبادئ و اخلاق للذين انتموا اليه او انضموا الى صفوفه الكذب ام الصراحة ؟.
عود على فضيحة كاننغهام فقد ساعد عدد من اعضاء الحزب الحاكم الذي ينتمي اليه كاننغهام الصحفي كامير في تقديم معلومات للايقاع برفيقهم المفسد و بهذا اثبتوا ولائهم للوطن قبل الحزب و للمواطن الذي انتخبهم قبل الحكومة , نتسائل نحن اين مسؤولونا من هذا؟ و قد نعرج على موضوعة فتح الابواب الموصدة للانتهال من خزين المعلومات الموثق الذي يكشف المفسدين من قبل الصحافة الحرة التي جاءت مع الديمقراطية و قد نعرج على قانون حماية الصحفيين الذي بموجبه يضمن الصحفي حياته و شرفه بعد كشف فساد و الحديث طويل عن القانون الذي سمعنا ان هناك قانونا خاصا بحرية الحصول على المعلومة في اميركا يخدم الصحفي و يفسح له المجال للوصول الى ارشيف المؤسسات بيسر و يكفي انني شاهدت كامير و هو يدخل الى احد فنادق بغداد ليسرد تجربته و قد احيط بثمانية حراس غير العسكر الذين حوطوا قاعة المحاضرة فكيف اذا هي حياته و حمايته في بلده ؟ اسئلة يقودني الفضول الى طرحها و اترك الاجابة لكم
- من قرأ مقالة او تحقيقا و اسقصى منها معلومة ترشد الى اللصوص ؟
- من كافأ اعلاميا على تناوله موضوعا مهما يتعلق بكشف و محاربة الفساد ؟
- من ارشد صحفيا لمعلومة موثقة و سهل له الطريق للحصول عليها ؟
يقال ان الديموقراطية تكون قوية حين يلعب الاعلام دورا نشطا في مراقبة و محاسبة الحكومة وكلنا امل في ان تكون صحافتنا رادعة وليست فقط رابعة وكذلك نتمنى من ان يعي المسؤول دوره الوطني وينزع جلباب الحزب عند دخوله مؤسسات الدولة فمن خرب العراق الا سلطة الحزب وتداخلها مع المنظومة الادارية الحديدية في العراق؟ ومن لا يعي الحالة اذكره بكلام رئيس النظام السابق الذي يحث فيه الحزبيين على نقل مفاهيم الحزب الى داخل مؤسسات الدولة وبذلك سقطت المنظومة الادارية التي كانت مضربا للامثال في الالتزام والنزاهة قبل دخول فكر الحزب اليها وها نحن نعيد ما اسس له النظام السابق من خراب اذا استمر نهجنا في الولاء الاعمى على حساب الوطن.