مرصد الحريات الصحفية

مرصد الحريات الصحفية

الصفحة الرئيسية > قضايا ومقالات > الإعلام ينظّف السياسة....أزار...

الإعلام ينظّف السياسة....أزار وفضاء وإطاحة

لاشك ان من يتابع شريط الأحداث التي انجلت وتنجلي تباعا عن كشوفات السلطة الرقمية التي نشهد كثافتها وأدوات ضغطها على الإصلاحات السياسية في العالم المتقدم ومن ثم في عالمنا العربي...وكأننا اكتشفنا الدواء السحري لفساد وخنوع وغباء السياسيين...ويوماً بعد آخر تتراجع خُطب وتصريحات السياسيين ويتراجع ميكانزم القيادة الخفية التي تلوذ بالفرار عندما تنجلي الحقائق بالصور والأرقام والوثائق...ثلاثة عبر كُبرى مدّنا بها هذا العقد (عقد الإطاحة بالطغاة ) بسر البقاء على السلطة...فالدرس الأول كان فرار الطاغية صدام، والثاني بن علي، ونعيش اليوم فرار مبارك...والقائمة ستطول وتمتد ليبيا، اليمن، الجزائر ال...في أنحاء خارطة الفساد العربي المرقعة والكاذبة بمصطلحات الديمقراطية وحقوق الانسان، بعد أن اكتشف العقل الجمعي العربي السوط المناسب والسريع... كالحقنة تحت الجلد لهرولة من كانوا قادة ( مفترضين ) ما يجعل العالم العربي يتطهر بديتول (إزار الإعلام الرقمي )من فساد السياسة والرئاسة والشيخوخة فيها.


فقد كان شباب مصر الأبطال وقبلهم التونسيين، قد رشقوا الفضاء العربي بحزمة من الصور والحقائق والمعطيات التي كشفت زيف وتخلف ووهن القيادات الحاكمة وخنقها للحريات المكفولة...ويوماً بعد يوم يتجلى الواقع الإعلامي ليصل الى درجة الحساب اليومي والضريبة الأقسى التي يجب ان يدفعها المسؤول نحو شعبه ووعوده.


واقع (سبراني) فوري، جميل ومؤثر ومتصاعد للكشف والتحري والمساءلة كان الإعلام بوسائله النشطة ومهارة التفعيل والتوظيف عبر أدوات التواصل الاجتماعي الرقمية كالفيس بك والتوتير واليو تيوب...قد جنى ثماره... لقد أفرزت لنا الأحداث الأخيرة في تونس ومصر جملة من الحقائق ونُظم جديدة للسلوك والإدارة الإعلامية...الإعلام الذي يطّهر وينظّف البلدان والشعوب المقهورة من وهن الضعف والخذلان والفساد وخنق حريات التعبير وحقوق المواطنة...إعلام يرشق السياسيين بالأحذية الناعمة والخشنة، وبمخلفات فسادهم وجهلهم وقسوتهم نحو الشعب...لقد تعلمنا ونتعّلم من هذا المناخ معنىً ومنصة جديدة ( للتوظيف الإعلامي) وما يندرج تحته مهارات وقدرات وفنون...وتعلمنا كيف ينخذل ويترنح إعلام السلطة الذي يلهث وراء إرضاء الهيبة والبقاء على حساب حقوق الناس وبهاء عيشهم...رأينا بعض القنوات المصرية الرسمية...تريد ان تعطي لمبارك بعض الساعات كي يبقى فرعوناً... تنتقي...وتصنع...وتضخم...وتبسط...ولكن ذلك كان فاتراً وخجولاً وعاهراً أمام حقيقة ما يجري...وأمام إرادات قوى التغيير في ميدان التحرير، وراحت تضع له علامات ورتوش بالصور والكلمات التي لا تنفع أمام المدفعية الفضائية التي كانت مصر...كل مصر مرماها استيراداً وتصديراً، في الوقت الذي أطبق الخناق على حرية التغطية الإعلامية وحرية انسياب المعلومات من الشارع المصري للإعلاميين، وقطع الاتصال عبر الانترنت وشبكات الاتصال المحمول...واخيراً الخناق على الاتصال الجمعي، برفع ساعات الحظر.وكانت السلطات المصرية تتوسل المصريين بالتعرض للقنوات الحكومية على حساب القنوات الدولية والعربية التي كانت تنقل الأحداث وتناقشها (بتغطية ) رائعة الشمول والتنوع، من؟ كيف ؟ ومن أين ؟ لاتعلم، ونقلت ميادين المظاهرات بكل المدن المصرية حاضرة بكل دقائقها، والاتصال مع قادة الرأي المصري، وبين المتظاهرين على قدم وساق...(انه مخيال الإبداع في علم الاتصال الحديث ) فالكاميرات وصور الفوتو، والمحمول، وقصاصات الورق، وشعارات الشوارع، وارتسامات الوجوه، والموسيقى الوطنية، والأرشيف البطولي المصري، والأطفال...و...الخ.كلها معينات سمعية وبصرية أجهدت السلطة، وفتحت آفاق الانتفاضة بشكل متسارع ولحضي غير مسبوق.


واعتقد ان هذا المشهد المتسارع...قد عزز الكثير من نظريات التأثير الإعلامي التي كنا نعتقدها من باب التنظير او التهويل...ولكن أزار الحاسب، ومونتاج الصور، وجمال ترميز الخطاب...وشرعية قضية.كل ذلك يعد مدرسة او يجب ان يكون، قد يعطي الضوء الأحمر ويلجم النائمين من الأنظمة السياسية في العالم العربي، على ان يحسنوا تعاملهم مع ( بارومتر حريات التعبير ومتطلبات الحياة الكريمة وإعادة الثقة بالمواطنة والانتماء)...وان يعيدوا لشكاوى الناس وهمومهم القسط الأكبر وان يتقمصوا شخصية بسطاء الناس...واعتقد (الدرس الأهم في المشهد مفاده: ان الخط الأول المعّبد لتشكيل الرأي العام وفورته يبدأ بالمحتوى الإعلامي وبوسائل نقله.. وحينما لا يتابعون... وحينما لا يفهم السياسيون ذلك... عنذاك سيفهمون في الشوارع وعلى الطريقة التونسية والمصرية...على السياسيين ان يفتحوا محضراً جديداً عنوانه ( الإعلام فوق الرؤوس ) ارق وهّم وكاشف لعورات من يسرق ويستهين بأموال العامة... وان يفقهوا الإيجاز الآتي : ان الكذب والجهل السياسي لم يعد ضمن موضة السياسات التقليدية...فالشرعية والدستور والديمقراطية...والأفعال المضارعة...لسوف...وسيكون...ونسعى... وسيشهد...والتي عادة ما يتغنون بها لا تشفع لساعات...ان كان الإعلام والرأي العام الساحق قد أيقن ان الكرامة مهدورة...وان الفساد ينخر...وان الوعود مستدامة...وان أمريكا وإسرائيل لها المقود...وان الزمن للتجريب السياسي...وان الفاقة سائدة...عند ذاك سيقولان كلمة أخرى.


فهل من شجاعة جديدة للإعلام...وهل سيسرع في استقصاء الزلل والنوم الحكومي؟...هل سيكون إعلام المرحلة بحق؟ هل يجعل الإعلام وبالاً لا قوة على السياسي الفاسد النائم؟...هل يعكس المعادلة (بعد ان جرت العادة ان يمتلك السياسي الإعلام) و يتمكن هو من يمتلك السياسي ويروضه؟... انه إعلام الرقم والفضاء والصورة والمجتمع الجماهيري.... انه إعلام التنظيف السياسي والطرد فهل يدخل الخدمة لدينا.

د.كامل القيّم أستاذ الإعلام والاتصال / بابل / العراق

مركز حمورابي للأبحاث الإستراتيجية / وحدة أبحاث الرأي العام

 

 

 

  • كردستان: اعتقال الصحفيين لن يخفي الأحداث ويقود لنتائج عكسية

  • انتهاكات ضد مجموعة صحفيين غطوا تظاهرة ضد الفساد في حلبجة

  • لجنة حماية الصحفيين تطالب سلطات العراق بضمان حماية الطائي وضمد

  • سحب الهاتف والتوقيع على ورقة مجهولة.. صحفية تروي ظروف اعتقالها في السليمانية

  • قوة أمنية تعتدي على كادر الرابعة في البصرة بتحطيم المعدات والضرب والاحتجاز

  • وزير الداخلية يقاضي الإعلامي حيدر الحمداني بتهمة القذف والتشهير

  • قانون جرائم المعلوماتية: مُفصّل على مقاس السلطة.. ومخيّب لتطلعات الصحفيين

  • تعرض المراسل فاضل البطاط الى اعتداء على يد أمن فندق غراند ميلينيوم البصرة