بعشوائية وتخبط ودون مراعاة للكرامة الإنسانية والإجراءات الوقائية لتجنب فيروس كورونا، شرعت وزارة الثقافة الأسبوع الماضي، ولا تزال، بتوزيع منح "تشجيعية" لشرائح عدة بينها الصحفيون.
ومنذ 10 كانون الثاني/ يناير الجاري، بدأت الانتقادات تتوالى من جانب صحفيين لآلية صرف المنحة، نحو 500 دولار، كما سجّل العديد منهم ملاحظات يتعلق بعضها بشبهات فساد. وتولّت وزارة الثقافة بنفسها هذه المرة توزيع المنح بعدما كانت تفعلها نقابة الصحفيين، حيث يتنازع الطرفان حول مسؤولية الصرف.
ورصد لمرصد الحريات الصحفية "JFO"، فوضى عارمة أثناء إجراءات الصرف، بينما امتدت بعض الطوابير حتى 3 كيلومترات، دون وجود مقاعد أو غرف مخصصة للانتظار.
ويقول أحد الصحفيين للمرصد، "كان أمامي نحو 1500 شخص ينتظرون دورهم، وعناصر الأمن لا يحترمون أحداً"، مشيراً إلى أنّ "3 من كبار السن سقطوا أرضاً إثر الإعياء الشديد بعد ساعات طويلة من الانتظار".
ويبيّن الصحفي مشترطاً عدم كشف هويته خشية تعرضه للمضايقة، أنّ "الفوضى أدت إلى وقوع مشادات ومشاجرات" في المركز الذي حضره لاستلام منحته قبل أن يضطر إلى الانسحاب.
وأظهرت مقاطع مصوّرة جرى تداولها على نطاق واسع، مشاهد تؤكد صحة هذا الكلام وتثبته وسط سيل من الانتقادات الحادة لوزارة الثقافة ونقابة الصحفيين.
"صحفيون وهميون"
الطوابير الطويلة أعادت إلى الواجهة قضية "الصحفيين الوهميين"، الذين يحملون هويات من نقابة الصحفيين خارج الضوابط الأصولية وبصورة عشوائية مقابل المال أو عبر بعض المسؤولين في النقابة، لتحقيق فوائد مادية أو تلافي القيود التي تفرضها السلطات من حين إلى آخر بالتزامن مع أزمة الجائحة.
نقابة "متشفيّة" ووزارة "لا تعتذر"!
ويقول صحفيون تحدثوا لمرصد الحريات الصحفية (JFO)، إنّ حالة من "التشفي" تسود في نقابة الصحفيين "نكاية" بوزارة الثقافة بعدما قدّمت إليها قوائم بأسماء المشمولين لتصرف لهم الأموال بنفسها.
وأقرّت الوزارة ضمناً في بيان لها، بسوء تنظيم عملية صرف المنحة بطريقة عُدّت "مهينة" من قبل عدد كبير من الصحفيين الذي رفضوا استلام منحهم احتجاجاً.
وذكر وزير الثقافة حسن ناظم في بيان، إنّ وزارته "جاهدت لتأمين المنحة التشجيعية للصحفيين والأدباء والفنانين، وأضافت 6 مليارات دينار من أرباح هيئة السياحة التابعة لها إلى المبلغ الذي خصصه البرلمان ضمن الموازنة المالية لعام 2021 لهذا الغرض".
ولم يعتذر ناظم، وهو المتحدث باسم الحكومة أيضاً، عن "سوء آلية التوزيع" الذي وصفه صحفيون بـ "البدائي والمتخلف".
ويدعو مرصد الحريات الصحفية (JF0) كلاً من نقابة الصحفيين العراقيين ووزارة الثقافة إلى تنظيم عملهما وتأدية واجبهما باحترام ودون مِنةً أو إبداء "تفضّل" على أحد.
وإذ يطالب المرصد النقابة إلى مراجعة قوائمها والتدقيق في المهن الحقيقية للأشخاص الذين منحتهم صفتها وما تزال، والتأكد تماماً من كونهم صحفيون يمارسون المهنة ولهم مواد وتقارير صحفية منشورة بأسمائهم وتشديد إجراءاتها في ذلك، فإنه يحث وزارة الثقافة على التوقف عن صرف المنح بهذه الطريقة واتباع أسلوب أكثر مهنيةً واحتراماً.
كما يقترح مرصد الحريات الصحفية (JF0) على البرلمان تشريع قانون يضمن تقاعداً للصحفيين وتأميناً صحياً لهم، وإجبار إدارات المؤسسات الإعلامية على الالتزام بقوانين الضمان الصحي مثلاً وإجراء تعاقداتها مع موظفيها وفق شروط تجنبّهم الفصل دون سابق إنذار للحفاظ على استقرار أوضاعهم المادية.