3-9-2019
يدين مرصد الحريات الصحفية (JFO) حفلات التشهير والتحريض الكبرى، التي تقودها جهات مجهولة، على قتل صحفيين عراقيين وكتاب بارزين، وتوجه لهم تهما لا تستند للواقع، وتنشر صورهم ومعلومات عنهم متهمة اياهم بالعمل لصالح "اسرائيل".
القائمة التي تابع مرصد الحريات الصحفية (JFO) تداولها، الاثنين (2 أيلول 2019) تضم صحفيين معروفين بأسمائهم، والمؤسسات التي يعلمون فيها، ويقيم أغلبهم في بغداد، ويحضرون أغلب الفعاليات الاعلامية والاجتماعية، ويعبرون عن آرائهم بشكل مستمر عبر مؤسساتهم الصحفية أو منصاتهم الشخصية.
ونشرت صفحة تطلق على نفسها "ما تعبر علينه" قائمة بصور وأسماء صحفيين وعلقت عليها "هؤلاء لم يكن اغلبهم يعلمون ما عمل معهد صحافة الحرب والسلام لكن الدولار والشيكل جذباهم من حيث لا يعلمون".
وادرجت اسماء ابرز الصحفيين ومنهم الصحفي عمر الشاهر، والباحث والكاتب هشام الهاشمي، والصحفي والكاتب علي وجيه، ورسام الكاريكاتير احمد فلاح، ومقدمة البرامج جمانة ممتاز، والمدون البارز شجاع فارس، والصحفي رضا الشمري، والناشطين مصطفى الصوفي، وستيفن نبيل، وصقر ال زكريا، وحسين علي، وعمر محمد. فيما ذكرت الصفحة ذاتها كل من هيوا محمود عثمان وسرمد الطائي في فديو تحريضي اخر.
القائمة الأخيرة لم تكن الأولى، كما أنها نشرت بعض المعلومات المكررة وغير السرية حول عمل بعض الصحفيين المذكورين ضمن مشاريع اعلامية اوروبية مناهضة للإرهاب في العراق مثل منظمة الحرب والسلام، لكن الصفحات أضافت "دون تقديم دليل" أن الصحفيين المذكورين يعملون للتطبيع مع اسرائيل.
ويقول الإعلامي العراقي عماد الخفاجي، "نظراً لحساسية القضية الفلسطينية بالنسبة للمجتمعات الشرقية بشكل عام، فإن اتهام أشخاص بعينهم بالعمل مع الإسرائيليين، يُشكل تحريضاً مباشراً على تصفيتهم، خاصة مع اعتراف السلطات العراقية، بوجود "سلاح سائب" بين أيدي جهات منظمة متعددة، أو حتى أفراد غير منظمين".
مسؤولون في معهد الحرب والسلام، قالوا لمرصد الحريات الصحفية (JFO) إن "المشروع والعاملين فيه ينشرون نشاطاتهم بشكل مستمر منذ العام 2016، وهم يتلقون منذ ذلك التاريخ اتهامات مشابهة، لكن اعادة نشر هذه الاتهامات، جاءت في توقيت غير مفهوم" .
ويأتي نشر قائمة الأسماء بعد ساعات على بث قناة الحرة تقريراً أعده الصحفي معن الجيزاني، تحدث فيه عن "الفساد في المؤسسات الدينية" وهو ما اثار استنكار العديد من الجهات السياسية والدينية والحكومية، وأسفر عن غلق مكتب القناة في العاصمة بغداد، وهو ما قد يفسر سبب اختيار التوقيت.
يلاحظ المرصد تصاعداً في ترويج فكرة "تجريم" التعاون بين الصحفيين العراقيين والمنظمات الدولية، ويشير في هذا الصدد، إلى أن مهنة الصحافة، وتحديداً في الدول النامية، وذات التجارب الاعلامية او الديمقراطية الفتية، تستلزم ادامة التواصل مع المنظمات المختصة، في اوروبا أو آسيا او الولايات المتحدة، أو دول الجوار، لاغراض التدريب والتطوير الاعلامي والدعم الفني وغيره.
وثّق مرصد الحريات الصحفية (JFO) ترويج خطاب مضاد ضد الصحفيين الذين يحضرون ورشات تدريبية في دول اوروبية او آسيوية أو اميركية، فقط، بينما تدير جهات أخرى مشاريع إعلامية واسعة داخل العراق، تصل إلى رعاية عشرات الفضائيات والمواقع والصحف الالكترونية دون مضايقات أو حملات تستهدف التجريم او التحريض.
قبل أيام من تداول القائمة الأخيرة، نشرت صفحة تعود لمدون ذكر أنه يعمل في الحشد الشعبي، قائمة بأسماء صحفيين اتهمهم بالعمل مع اسرائيل، وذكر عناوين اقامتهم، وطلب من متابعيه كتابة المزيد من أسماء الصحفيين مع ذكر عناوين إقامتهم.
تشير معلومات واحدة من تلك الصفحات إلى وجود أكثر من 10 مسؤولين عن الصفحة، جميعهم يديرون الصفحة من داخل العراق، فيما تكشف المواد المنشورة أن عدد العاملين قد يفوق ذلك، كما تُظهر المواد المنشورة، وقوف فريق من المحررين، والفنيين، وخبراء المونتاج والكرافيك والتواصل اجتماعي، خلف انتاج ونشر تلك المواد، وقال أحد الفنيين العاملين مع تلك "الجيوش الالكترونية" إنه يتلقى توجيهات فنية وتعليمات تتعلق بالجودة، ممن وصفهم "بالمشرفين" من دولة عربية.
تحدث مرصد الحريات الصحفية (JFO) إلى الجهات السياسية العراقية التي تتبنى في أدبياتها خطاباً مشابهاً لما يتم طرحه في هذه المنصات، لكن أياً من تلك الجهات السياسية لم يُعلن تبني حزبه او حركته لتلك الحملات، فيما علّق النائب في البرلمان العراقي وجيه عباس على الحملات التحريضية ضد الصحفيين بالقول "إنه بصدد التحضير لتشريع قوانين تحظر الصفحات بأسماء وهمية، ومحاسبة الجيوش الالكترونية التي تمارس التحريض".
إن سجل العراق قبل وبعد العام 2003 حافل بعمليات اختطاف وتغييب وتصفية الصحفيين، كما أن سجل السلطات العراقية حافل بتشكيل اللجان التحقيقية التي لا تسفر في الغالب عن شيء، الأمر الذي يشكل عاملاً جانبياً محفزاً للإقدام على مزيد من التصفيات.
يحتفظ المرصد بقائمة طويلة تضم أسماء صحفيين عراقيين، غادروا البلاد بشكل نهائي نتيجة لحملات مُعلنة من هذا النوع، أو تهديدات شخصية موثقة، لم تتمكن السلطات المتعاقبة من ايقافها وحمايتهم.
يشعر مرصد الحريات الصحفية (JFO)، بالقلق على حياة الصحفيين والكتاب الذين نشرت صورهم وأسماؤهم مؤخرا، مع اتهامهم بتعاملات يحظرها القانون العراقي، على شاكلة التطبيع مع إسرائيل. وهنا يدعو المرصد، السيد رئيس الحكومة العراقية إلى الإيعاز للأجهزة الأمنية والاستخباراتية بتتبع المنصات التحريضية وكشف ارتباطاتها وأهدافها وهوية الجهات التي تشغلها.
إن أمن وسلامة المواطنين العراقيين، ومنهم الصحفيون، هي مسؤولية تقع على عاتق رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، بصفتهما رأس السلطة التنفيذية، فيما يقع على عاتق رئيس البرلمان استدعاء الجهات التنفيذية المعنية لفهم ما يجري في هذا الملف.